الطريق فقال له : لئن كانت حرمتك إنه لقبيح بك أن تكلمها بين الناس ، وإن لم تكن حرمتك فهو أقبح ، ثم ولى عنه وجلس ، فإذا برقعة قد ألقيت في حجره مكتوب فيها :
إن التي أبصرتها |
|
سحرا تكلمني رسول |
أدت إلي رسالة |
|
كادت لها نفسي تسيل |
فلو إن أذنك عندنا |
|
حتى تسمع ما نقول |
لرأيت ما استقبحت من |
|
أمري هو الحسن الجميل |
وزاد في آخر الرقعة اسم أبي نواس ، فعلم أنه صاحبه فقال : مالي وللتعرض لأبي نواس. والبوليس في باريز غالبه سري من الرجال والنساء ، ومن أهم أعماله المحافظة على الغريب ومراقبة ما عسى أن يصل له من أذى المحتالين والمعتدين ، لذلك يقرأ أصحاب الخداع ألف حساب للغريب المرفوق بأعين أعوان المحافظة المتنكرين. فما أحسن هذا التستر الذي لا يغادر به البوليس صغيرة ولا كبيرة. والبوليس المعلوم اللباس تراه قائما على ساق الجد وساهرا على راحة المارين نهارا وليلا ، يوقف العربات وغيرها متى غصت الطرق بسالكيها وتعذر اجتياز المارين بالطرق المقاطعة لها. فيرفع عصا قصيرة في يده «كصولجان الملك» علامة الإذن بالوقوف فلا يخالف حقير ولا جليل تلك العلامة الخفيفة وذلك الأمر البسيط حيث القانون محترم والناس فيه سواء. ثم يشير بتلك العصا بعد ذلك علامة الإذن بالجواز فينهال سيل من البشر والحيوان والعربات والسيارات والدراجات والقطارات في منظر عجيب وصعب السلوك على الغريب. وإذا سألت عن أمر وطلبت الإعانة على شيء من البوليس فتجد الأذن الواعية والإعانة التامة والبشاشة والأدب المجسمين في هؤلاء المهذبين أعوان المحافظة أو رجال باريز ، إذ بدونهم يفسد النظام وتصير طرقات باريز ومساكنها أصعب على