حيث قال : نقل ابن الرقيق أن بعض كتاب القيروان كتب إلى صاحب له : يا أخي ومن لا عدمت فقده أعلمني أبو سعيد كلاما أنك كنت ذكرت أنك تكون مع الذين تأتي ، وعاقنا اليوم فلم يتهيأ لنا الخروج ، وأما أهل المنزل الكلاب من أمر الشين فقد كذبوا هذا باطلا ليس من هذا حرفا واحدا وكتابي إليك ، وأنا مشتاق إليك إن شاء الله. والعجب من ابن خلدون يستحسن الطريقة التي أبداها أبو بكر ابن العربي في التعليم ثم إنه يستصعب قبول الأمة لها ، فهو اعتراف منه بنقص برنامج التعليم الذي ينشأ عنه قصور المتعلمين وبضعف عزيمته وعجز تدبيره في تذليل طرق الإصلاح. ونص ما ذكره في طريقة ابن العربي : ولقد ذهب القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب رحلته إلى طريقة غريبة في وجه التعليم وأعاد في ذلك وأبدأ وقدم تعليم العربية والشعر على سائر العلوم كما هو مذهب أهل الأندلس. قال : لأن الشعر ديوان العرب ويدعو إلى تقديمه وتعليم العربية في التعليم ضرورة فساد اللغة ثم ينتقل منه إلى الحساب فيتمرن فيه حتى يرى القوانين ثم ينتقل إلى درس القرآن فإنه يتيسر عليه بهذه المقدمة. ثم قال : ويا غفلة أهل بلادنا في أن يوخذ الصبي بكتاب الله في أول أمره يقرأ ما لا يفهم وينصب في أمر غيره أهم عليه. ثم قال : ينظر في أصول الدين ثم أصول الفقه ثم الجدل ثم الحديث وعلومه ، ونهى مع ذلك ألا يخلط في التعليم علمان ، إلا أن يكون المتعلم قابلا لذلك بجودة الفهم والنشاط. هذا ما أشار إليه القاضي أبو بكر رحمه الله وهو لعمري مذهب حسن إلا أن العوائد لا تساعد عليه ، وهي أملك بالأحوال.
وقد اختصر الشيخ ابن خلدون كلام القاضي أبي بكر ابن العربي وهو كلام أبسط من هذا ، والطريقة التي وصفها أشبه شيء بالطرق المتبعة اليوم في التعليم بالمدارس الأروباوية إلا أن العلوم مختلفة. ولقد وقفت على كلامه مفصلا في كتاب العواصم من القواصم له. وقد أجاد البارع السيد خير الله بن مصطفى أخيرا في برنامج المدارس القرآنية ونجحت تلك الطريقة نوعا وانتشرت وخلدت له ذكرا ، وأنطقت الأمة شكرا.
وقد أخذت اللغة العربية «وإن كانت حيّة» ، في الانتشار على ألسنة تلامذة الجامع الأعظم والمطبوعات العربية الحديثة. وسيعين عليها التمثيل إذا احتفظ