بحمرة خدودها وسواد عيونها. ويوجد مصورون بالدهن يقلدون أمثلة من تلك وأكثر ما رأيته ينقلونه متعلقات الحب. شاهدت صورة دهنية دعتني للإعجاب ، ومنعتني من الذهاب. واستوقفتني للتأمل من حسن الرسم وبلاغة الرمز ، وهي امرأة قامت بين عسكرين قد فوق كل منهما سلاحه للآخر وأراش سهامه وجاء مهاجما بعدته وعديده ، تراها ترد أحدهما بيدها اليمنى والآخر باليسرى وقد انضمت لها نسوة تطارحن حواليها على أقدام الأبطال من الجهتين وصبيتهن في أحضانهن وبين أيديهن ، ومن خلفهن كالمستشفعات في حقن الدماء على هيئة تدعو كل من يراها إلى قبول شفاعتهن ولو كانت في جميع الدنيا وما فيها. ومكتوب تحتها اسم المصور الشهير دافيد ١٧٤٨ ـ ١٨٣٥ ، الرومان والصابين. وقصتها أن الذين أسسوا رومة في القرن الثامن قبل المسيح كانوا عصابة غارات لا نساء لهم فاغتصبوا بنات المجاورين من الصابين فأراد هؤلاء حربهم لافتكاك النسوة وقابلهم الآخرون بمثل ذلك فتوقفت النسوة للوقوف بين الأمتين ، حيث أولئك آباؤهن وهؤلاء بعولتهن فكن سببا في حقن الدماء بمثل قولهن : إن كنتم تريدون الدفاع على الشرف فنحن ذوات أزواج ، وإن أردتم افتكاك زوجات فهذا ضد السداد. ولذلك قلت في الكام على مجلس الأمة من اللائق وضع مثل هاته الصورة بقصر السلم في لاهاي عاصمة هولاندة. ويوجد قسم للمصوغ النفيس والحجارة الكريمة يحيط به سياج ، والحارس يرصدها ويعرضها من داخل والمتفرجون من خارجه. ومن بين ذلك سيف قبضته مرصعة بكريم الحجارة البيضاء. ومنقالة وتاج نفيس بالحجارة الملونة صفراء وبيضاء وخضراء. وفيل وعقد منظم من ثلاثة أسلاك. وصورة طائر. وأكثر ما راق في نظري قصر تظهر غرفه وبها الآدميون مرصع الرواشن بنفائس اليواقيت وبدائع ألوانها. كانت باللوفر صورة شهيرة ذات اعتبار فني وقيمة باهظة سرقت في العام الفارط وفي زمن رحلتي لباريز كانت في غيابات الخفاء. وهاته الصورة الدهنية هي مادوناليزا أو موناليزا اسم امرأة تزوجها دال جوكوندو في عام ١٤٩٥ ومات سنة ١٥٢٨ ، وهي من نابلي من عائلة شريفة فقيرة وتزوج بها المذكور وهو في فلورانسا نائبا على الجمهورية. وهي ثالثة زوجاته وكان عمره نحوا من خمسة وأربعين سنة. وفي سنة ١٥٠٢ أخذ ليوناردو فانسي يصورها في بستان لطيف يأذن فيه بضرب الموسيقى زمن التصوير حتى تكون على الصورة ملامح