ونظر العين ضئيلا والتبسم بالشفاه الذابلة قليلا. فتتحرك يده الضعيفة بريشة الرسم أمام هجمات حر الضمير وتكفكف رذاذ الدمع فتأخذ الصورة طرفا من ذلك المنظر أيضا. لذلك يتوسم في الصورة طرف من هاته الأحوال. رأيت صورة لاجوكوند فيما بعد وبلغني أن كثيرا من الكتاب استعملوا أقلامهم في الحديث عن هاته الصورة بما لا يقل عما عملته أنامل ليوناردو بريشته الفنية فجاريتهم في هذا المضمار (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ.
كتب لي وارث ابن رشيق القيرواني ومحاكي شوقي مصر السيد صالح سويسي كتابا وأنا بباريز ، ضمّن لي فيه فقد هاته الصورة فزادني شوقا على شوق لرؤيتها وحسرة من عدم مشاهدتها بين مستظرفات باريز ونص الأبيات المتعلقة باللوفر :
واللوفر المشهور قد وضعت به |
|
تحف بمثل جمالها لن تحلما |
مرت على جسر القرون ولم تزل |
|
ببهائها مهما الزمان تصرما |
«جوكوندا» تبا لسارق رسمها |
|
رسم على ملك الجمال تقدما |
فإذا نظرت له كأنك مبصر |
|
حورية هبطت إليك من السما |
رسامها قد كان آية عصره |
|
وبعشقها قد صار صبا مغرما |
«ليوناردو» أفهل يحل لمغرم |
|
سرق المليحة أم تراه محرما |
روح المليحة قد تناجي روحكم |
|
في متحف أو تحت إطباق العمى |
يا متحفا ما لي أرى بك وحشة |
|
وأرى فؤادك بالفراق تكلما |