المستشفى بالقيروان أخيرا إحداث بناء بجوار مستشفى ابن الجزار لتطهير الثياب ولخصوص المصابين بأمراض العدوى ، من المال الذي جادت به همة مسيو بلان في أوقات مختلفة وتوفر بفضل المناطة بهم شئون المستشفى ، ومتى نجز هذا البناء ولوازمه صار مستشفى القيروان من أهم مستشفيات المملكة تنظيما ونفعا. وتأسيسه غير بعيد العهد على يد كاتبه ، وابتدأت أشغال بنائه في شعبان وسبتامبر عام ١٣٢٦ ـ ١٩٠٨. كلفت بذلك من طرف الكتابة العامة وحضر افتتاحه جناب المقيم العام الهمام المسيو لابتيت وجناب الكاتب العام مسيو بلان ، وقام بأعباء أعمال المستشفى المراقب المدني المسيو منشكور وبتنفيذ رغائب الدولة ومنافع الإنسانية حسب عادته في الأعمال الجليلة وحسن المجاملة التي يشكره عنها البشر ويحفظها التاريخ. وقد نشرت جريدة الزهرة تحت عدد ١٨٣ المؤرخ في ١٥ ربيع الثاني وفي ٦ مايه عام ١٣٢٧ ـ ١٩٠٩ تفاصيل حفلة افتتاح المستشفى في هذا الشهر ، التي حضرها المتوظفون والأعيان ، وخطبة المراقب المذكور الذي أثنى على الطبيب القيرواني في القرن الرابع مدة المعز العبيدي ، وهو أبو جعفر أحمد ابن الجزار. وأمل من العائلات المثرية بالقيروان الميل إلى تعلم فن الطب. ورحم الله كشاجم إذ يقول في هذا الطبيب العظيم الذي بقي ذكره فخرا للقيروان تعترف به سائر الأمم :
أبا جعفر أبقيت حيا وميتا |
|
مفاخر في ظهر الزمان عظاما |
سأحمد أفعالا لأحمد لم تزل |
|
مواقعها عند الكرام كراما |
وخطبة جناب المقيم التي جاء فيها أن قدوم فرانسا أكسب المملكة الأطباء والمستشفيات وأن الأوقاف أعانت بالمال على تأسيس هذا المستشفى الذي جاء بناؤه على ما يرام ، بفضل السيد المقداد نائب الأوقاف الذي كان في إنجاز هذا المشروع من أنفس أعوان الحكومة. وإن الكتابة العامة اعتنت بهذا المشروع ، فالمسيو روا خاطب جمعية الأوقاف بشأن إعداد المال اللازم في أكتوبر عام ١٩٠٧ وفي الشهر بعده تولى المسيو بلان أمر هذا المشروع إلخ.