المدينة ويمر تحت نهر الساين بغاية السرعة وأرخص سعر. ففي الدرجة الأولى بصانتيمات ٢٥ خمسة وعشرين وفي الثانية بخمسة عشر فقط إلى أي جهة قصدت وأبعد نقطة أردت. والعربات ودهاليز السير مضاءة بالكهرباء ونظيفة ولا يشق على الراكب فيها إلّا ثقل الهواء وظهور آثار الندى ، إلا أن سرعة السير وقصر الإقامة في هاته الأنفاق ، وما يلقى فيها من مواد تطهير الهواء تسلي الركاب. والأمر الوحيد الذي يحملهم على تجشم السفر في قبور الحياة والانحجاب عن مشاهدة شوارع باريز هو توفير المال ، وأكثر ركابه نساء ولعلهن خادمات. ومن الغريب أن أكثر من بالكنائس أو في الشوارع الكبرى أو بساتين النزهة أو مراسح التمثيل أو مخازن التجارة نسوة ، فبالمعارف والتمرين ، وإطلاق العنان ترجلت المرأة عندهم وشاركت حتى في أنواع الأعمال الخارجة عن وظيفتها ، وكأنما هذا الامتزاج في عصر الحضارة تجديد لعصور اختلاط الجنسين على عهد آدم وذريته في القرون الأولى ومبدأ ظهور الإنسان. أو أن هاته الأكثرية غير حقيقية وإنما تظهر كذلك في عين الشرقي فقط لعدم تعوده برؤية جيوش من النساء. وإن كانت النسوة في الواقع أكثر من الرجال حسبما يستفاد ذلك من الإحصائيات العامة ، فانظر إلى إحصائية سكان القيروان مثلا تجد عدد الرجال ٨٥٥٧ ـ والنساء ٨٨٥٨ ـ كما سيأتي في الكلام على خلق الفرنساويين وعوائدهم.
وأدوات النقل في مدينة باريز كثيرة ومنوعة ، من عربات تسيرها النار على السكك الحديدية وأخرى تذهب حيث شاءت ، وهاته منها ما يسمى أمنيبوس وما يسمى أوتوبوس ، وبعض آخر هو الأتوموبيل أسرع سيرا وأغلى سعرا وأكثر خطرا ، تموج به شوارع المدينة التي يمكن أن يطلق عليها بسببها طرقات النمل. والكراريس عندهم يقودها فرس واحد بطيء السير ولكن نعم السير على ... والأجر بحسب الوقت تحرره ساعة بقرب مصباح العربة تعمر عند الركوب ، فبعد نحو عشر دقائق ترقم خمسة وسبعين صانتيما ، وبعد ذلك ترقم بالعشرة صانتيمات ، والوقف في أثناء الطريق حسب أوامر البوليس ليمر السالكون في الطرقات المقاطعة تحسب مدته على الراكب ، والعربجي كثيرا ما يأخذ طريقا بعيدة أو غاصة بالمارين لتوفير الأجر.
وأصحاب العربات سواء في صنيعهم مع الركاب بساير الأقطار. وللعربات رايات