دخلنا القرية من شرقيها فكانت السكة التي سلكناها المسماة بنهج المجلس البلدي هي عينها التي بها العلو الذي بات به لويز ١٦ وعايلته ، وعليه كتابة تفيد أن ذلك في عام ١٧٩١ ، فصعدت له وكتبت اسمي في دفتر معد لضبط أسماء الزائرين له وربما كان أول خط عربي حفظ هنالك. وقيّمة المنزل امرأة تطلع الوافدين على بقايا من أثاث ذلك العلو الضيق الذي لا يرضى به أتباع أتباع الملك أيام كونه بفرساي :
والنفس راغبة إذا رغبتها |
|
وإذا ترد إلى قليل تقنع |
ويشق القرية نهر آير من الشرق إلى الغرب ، وفي أعاليه بالضفة الجنوبية بستان ودار وفدادين صديقنا رونز وماله من مخازن تربية الحيوان ومعامل غزل الصوف وعصر الزيت ، ورحا القمح تدير دولا بها وتحرك آلاتها قوة ماء الوادي المنتفع به في هذا الشأن ، والماء يعبر عنه بالفحم الأبيض لأن الاستفادة بالماكينات والآلات الحديثة متوقفة على البخار من حرارة النار المتأججة بالفحم. وقوة الماء المتدفق تقوم مقام ذلك وتولد الكهرباء في الأماكن التي ينصب فيها تياره انصبابا. والطحن بقوة الماء ينسب ابتداء أمره إلى الرومان في القرن السادس م. أما بواسطة الهواء فأخذته أروبا في القرن ١٣ من المشارقة في حروب الصليب.
وعلى صغر هاته القرية التي لا يتجاوز سكانها ألفا يوجد بها نزل للمسافرين وبها ما سواه مما أوجدته الحضارة الأروباوية السارية في دم السكان بأي مكان ، ولو في غيابات الغابات وضعف العمران. وقد علمت أن قرية كليرمون وهي أصغر من هاته ، بها أتيل وعربات للكراء.
جعلت رجوعي إلى كليرمون على قرية أوبريفيل وهي مركز لسكة الحديد بين كليرمون وفيردان. وقبل مبارحة كليرمون أخذت حظا من التجول بين الأدواح الملتفة في جبل صانتان المجاور لها ، وأخيرا شايعنا إلى القطار صاحبنا في غابات أركون ذلك الشيخ الكرسكي. ومتانة الود من علامات الشهامة وعزة النفس وهما من صفات نابليون بونبارت نسيب كرسكا التي تداولها كثير من أجناس الأمم الراقية.
كما وادعنا بعض سكان القرية الذين عرفناهم وعلامات الوداع بالمنادل كأجنحة