وكان هذا الروسي السيد في قومه منذهلا ومعجبا بما يرى من العمران والرفاهية بباريز ، ولما سألته أجابني بأن هذا الجمال وهاته الحضارة لا توجد في غير باريز وأنه لا يعرف مثلها لا في مملكته ولا في غيرها. وسألتني زوجة هذا السيد قائلة ما بالك لا تنظر كثيرا إلى النسوة مثل زوجي المعجب ، وقد فهمت من قرائن الحال ما هي غير مرتضية له من زوجها وقد امتلأت عينه من المحارم. فقلت لها إن تعاليمنا لا تسمح للإنسان أن يمد عينيه أكثر مما به الحاجة إلى ما متع الله به غيره ، والواجب أن يقصر نظره على زوجته ، فلم تتمالك عن إبداء إعجابها واستحسانها لهذا التعليم الإسلامي ونبهت زوجها الذي كان يسمع ما قلته. فقال إنما أنظر فقط ووجه هذا الجواب لي خجلا من تعريضها به ، فكأنه يعتذر بقول الشاعر ، ويا ليته وجد هذا الشعر ليبيض به وجهه بين عينيها ويغسله من حمرة الخجل :
أصبو إلى كل ذي جمال |
|
ولست من صبوتي أخاف |
وليس بي في الهوى ارتياب |
|
وإنما شيمتي العفاف |
ورأيت حسن الذوات في كرونوبل وهي بمثابة العين من الرأس في فرانسا وكل شيء في كرونوبل وما حواليها جميل. ويوجد الجمال ببعض العائلات في باريس لا كلهم ، والغالب من السكان البياض ونعومة الجسم ، ولين البشرة وتناسب الأعضاء ، وشكل الوجوه بيضى وفيهم طول القامة ونحافة الجسم ، والغالب على العيون الشهلة والزرقة واحمرار الشعر ، وقد يوجد السواد في الشعر والعيون ، وفي بلدان الجنوب يوجد احمرار الخدود والأدمة لحرارة الطقس. ويكثر في هذا الإقليم الجنوبي صفاء الثغور وطول الجيد ، بما ينطبق على الشمايل العربية من بعض الوجوه مع استدارة الوجوه.
وأهالي الشرق من باريز في غابات أركون مقاطعة موز وعلى حدود ألمانيا وجوههم مستديرة ، وملطخة باحمرار يمتد إلى الأذنين وأبدانهم ممتلئة ، وعضلاتهم قوية.