عندهم من ثماني أواق ، والإحرام من خمس ، بذلك عرفوا في القديم والحادث ، ومن لدنهم يجلب إلى الأمصار شرقا غربا. وكان الإحرام في القرون الوسطى أي مدة الدولة الحفصية من العادة أن يزال منه ما فوق العمامة عند ملاقاة السلطان. وبقي البرنس في الدولة إلى أوائل القرون الأخيرة ، وهي ما بعد الألف ، فإن رمضان باي المرادي في أول القرن الثاني عشر كان لابسا برنسا في بعض وقائعه ، ونزعه لما تمسك به أحد أتباعه وفاز بنفسه. أما محمد باي المرادي فلبس القفطان ، لما ولي أواخر القرن الحادي عشر. ولعل البرنس والقفطان صارا في تنازع فاقتسما الأمر ، فالبرنس للسفر وهو المناسب للركوب وكثير المنافع في الحر والقر ، واختص القفطان بالإقامة والحواضر.
والبرنس إلى الآن عام في طبقات المملكة التونسية ، حتى أن من كانت وظيفته تقضي عليه بلباسها الخاص بها فإنه يتبرنس في أوقات راحته وخلواته ، وهو في الحواضر يوضع على الأكتاف على ما فيه من المشقة وإشغال اليدين ، وفي غيرها يسلك في العنق على الطريقة الأولى له ، ولما كان هو الوحيد شهرة في المملكة عنونت به كتاب الرحلة ، ليعلم بمجرد سماع الاسم مرجع جنسية ووطن صاحب الكتاب.
وقد قام مقام الإحرام الشبيه بالأردية الرومانية في الحواضر الطيلسان ثم هجر وبقي شعار طائفة من أهل العلم خاصة كما سيأتي. وبعض سكان القرى وعموم البوادي متمسكون بالحولي وكذلك بعض أفراد بالحواضر. أخبر الشيخ ابن أبي الضياف أن العلامة المنعم الشيخ الطاهر بن عاشور قاضي القضاة وجد صديقنا العلامة النزيه وارث جده بجده في الاسم والعلم والوظيف ، أنه كان يلتحف في الشتاء بالحولي ، ويقول لعاذله دونك وقولي. وفضيلة الشيخ نعمه الله أجدر خبرا بما نقله ابن عساكر عن خالد بن سفيان القائل : عمود الجمال الطول وبرنسه سواد الشعر ورداؤه البياض. وما في هذا التشبيه من التنويه.
وكان حمودة باشا في أوائل القرن الثاني عشر يلبس الطيلسان من صوف جربة ، فاقتدى به أهل المجلس الشرعي فيه وخلعوا طيالسة الكشمير ، ولا زال الطيلسان إلى الآن شعارا رسميا لأرباب الوظائف الشرعية والخطباء. وعثمان باي ١٢٢٩ ـ ١٢٣٠ جرى على سنن من قبله في القفطان والطيلسان. ثم صار لباس رجال الدولة على الطريقة النظامية المعروفة الآن من عام ١٢٤٧ على ما شرحه شيخ المؤرخين ابن أبي