منهم أرض على كر الأيام.
وربما راج بعض الأدعياء بتحمل الأوزار لنيل بعض الأوطار. ولما كانت من علاماتهم نصب المكايد وتدبير المفاسد ، فهم في الغالب لسوء نواياهم يفتضح أمرهم وتسوء عقابهم. وأفنت البربر أيضا الحروب والمجاعات وشردوا إلى الجبال العظيمة التي كانت في القرون الأخيرة أعشاشا للفتن ولتوليد رؤوس الثورة ، وملجأ لكل متشرد ، وداعية لكل ناعق.
وأشهر جبال المملكة التونسية جبل خمير بالشمال ومطماطة بالجنوب ووسلات بالوسط غربي القيروان. وجدت كثيرا من الفرنساويين الذين عرفوا أخلاق التونسيين يثنون عليهم ويعترفون لهم بالنباهة والاستعداد لقبول الحضارة وبكونهم مصدرا للمسالمة والحفاوة والمعروف.
٢. أما الأمن على النفس والمال فقد سهرت عليه أنظار الحومة الحالية بتقليم أظفار أهل الفتن وقطع أيدي أرباب التمعش من طرقات القفر وإخافة السابلة ، وأعان على سد الأبواب في وجه الطالبين للاسترزاق من غير الأوجه الطبيعية تمهيد الطرقات وتسهيل المواصلات وسرعة المخابرات بمستحدث الآلات. والجزئيات البسيطة والنوازل النادرة التي لا تخلو من مثلها مملكة فيقتلع جرثومتها نشر التعليم ويبيدها الولاة المخلصون المقتدرون.
٣. وحفظ الصحة ومقاومة الأمراض الوبائية فهو على نظام متين ، وفي تقدم سريع حيث انتشرت المستشفيات في غالب جهات المملكة ، وتقاطرت الأطباء مثلما انتشرت مكاتب التعليم والمعلمون. فانتفعت المملكة ونفقت أسواق التعليم والتطبب ، وامتدت إلى أربابهما أنظار الوجاهة وانساقت لهم خيرات الحياة الدنيا جزاء إحيائهم بدن الإنسان وروحه.
وبصفة كوني عضوا في مجلس مستشفى القيروان مع ما عرفته قبل من نظام المستشفى الصادقي بتونس الراجع لنظر جمعية الأوقاف ، اطلعت على ما نجم عن هاته الملاجىء الخيرية ونفعها للأهالي الذين كانوا يموتون فريسة الجهل بالمداواة ولو للأمراض البسيطة المنهكة للأجسام البشرية. وضحية الأمراض المخطرة القاضية على النفوس ، وتفشي العدوى الحاصدة لأجساد المخلوقات. ومن جمعية الأوقاف مدد في