محصوله في جهة يعينونها ويعلنون على أنفسهم بذلك حتى لا يتأتى لخلفهم إرجاع ذلك لخاصته. ومن محاسن الشريعة الإسلامية وتشوفها إلى إسداء البر أن حكمت على هاته الأعمال الخيرية باعتبارها أبدية بمجرد قول صاحب المعروف حبست ، ليستمر النفع العام والثواب الخاص ما دام البشر محتاجا ومحبا لإسداء البر.
واختلفت المقاصد في تعيين أنواع البر ، وربما كانت مما تكثر الحاجة إليه أو يتأكد على حسب اختلاف العصور وأنظار الواقفين ، فمنهم من أوقف الآبار وعيون الماء والسبايل للشرب ، ومنهم من أوقف على إطعام الفقراء ، ومنهم من خصص شيئا لمداواة المرضى أو إطعام العجز وذوي العاهات أو مرضى العقول ، بإطعامهم ومداواتهم حتى بالموسيقى التي لها دخل عظيم في التأثير على النفوس. وعلى المستشفيات والتكايا ، وأوقفوا كثيرا على عمارة المساجد بيوت الله ومحلات التطهير «المواضي».
كما حبسوا على المعلمين والمتعلمين حبا في نشر العلم ، وعلى الأسوار لحفظ البلدان إلى غير ذلك من الجزئيات الكثيرة ، حتى على أصداق الأبكار الفقيرات وعلى من يقوم بقتل ذوات السموم كالعقارب والتقاطها من الجدران والطرقات دفعا للأذى عن السكان. وكان الفضل في إحداث نظام كفيل يحفظ أنواع الموقوفات واستعمالها فيما عينت له الوزير المنعم خير الدين التونسي ، ابتدئ العمل به في عام ١٢٩١ وجعل القانون النظر في إدارتها لجماعة من بينهم رئيس. وسماها جمعية الأوقاف لتكون تلك الهيئة متركبة من رجال جمعوا بين الخبرة بقواعد الدين ومعاني اللغة وبالقوانين وسياسة الحكومة وعلم الاقتصاد ، لما للأوقاف من الارتباط بالدولة وكافة طبقات الأمة ، وتلزمها التدابير الاقتصادية والتنسيقات المالية ، زيادة على كونها دينية يجب أن تدار حول مجرى الشرع ومقاصد المحبسين ، ويدافع عنها وعلى حقوقها حسب الشرائع والقوانين. وهي ثالث إدارة محترمة في عين الإسلام بعد ديوان الشرع العزيز ، ونظارة تعليم العلوم بجامع الزيتونة ، حيث إنها مجموعة مبرات ومصدر للخيرات. وقد بلغت من الرؤساء إلى حد الآن سبعة وهم :
النحرير السياسي سيدي محمد بيرم |
١ |
العلامة الورع ـ أحمد الورتتاني |
٢ |
النزيه المقرب سيدي عمر بن بركات |
٣ |