وهذا ما رأيته من أحبابنا عائلة دوبوردايز في طولوز وعائلة دالبيرتو في كرونوبل ، ولعل الفضل في التمكن من تعلم عدة لغات بسهولة في حالة الصّبى هو طريقة التعليم وحسن ترتيب برنامجه ، فيأخذ التلميذ كفايته من العلوم واللغات في زمن الشباب وقبل الفوات.
أما المحافظة على الأساليب العتيقة في التعليم فإنها مما تضيع العمر بلا جدوى ، كما أن عدم الجمع بين علوم الدين والدنيا خلل فادح في معترك الحياة. كيف وقد علمنا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بتعلمها. ونظام المدارس القرآنية الآن الذي الفضل فيه للبارع السيد خير الله بن مصطفى قد وفر الوقت للتلامذة بحيث يجدون فراغا في زمن الشباب لتعلم اللغات والعلوم العصرية ، بعد أن يأخذوا حظهم من العلوم اللغوية والدينية التي هي بالضرورة قبل كل شيء. ولكن بأسلوب مفيد. وقد بسطنا القول في هاته المسألة بقسم العلوم بباريز وفي فصل مدرسة اللغات الشرقية.
٥. أما المال فهو الصديق الملاطف ، والرفيق المعاضد ، والأنيس الخفيف الروح ، والسلاح النافذ «إذا بقي في الجيب أفاد ، وإذا أخرج أتى بكل مراد» :
صديق المرء كالدينار طبعا |
|
وكيف يخالف المرء الطباعا |
تراه ما أقام يقيم جاها |
|
وإن فارقته أجدى انتفاعا |
وهو كما قيل الرسول النبيه ، وذو الوجهين الوجيه :
يهيم الناس بالدينار حبا |
|
وما فيهم سوى من يصطفيه |
فذو الوجهين عندهم وجيه |
|
وذاك نقيض ما قد صح فيه |
يعني قوله صلى الله عليه وسلم : ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها. لا يقصر الإنسان حسب استطاعته في استصحاب ما يكفيه من المال ويضم بعد التقدير