لقد صدقت الجريدة الدمشقية التي قالت : إنّه لم يبق في البلاد العربية بلاد أقدر أن أدخلها إلا الحجاز ، والحقيقة أني أدخل أية بقعة أردت دخولها من جزيرة العرب حامدا الله على بقاء هذه الجزيرة تحت سلطان أهلها دون سواهم ، وعلى أنّ حكومتي الحجاز ونجد واليمن لا تعرف شيئا من الامتيازات الأجنبية ، التي تكاد تغرق في لججها الأمم التي تحت الوصاية ، والتي لا يزال منها رسيس حتى في تركية ، فالإفرنجي ـ سواء في مملكة ابن سعود أو في مملكة الإمام يحيى ـ خاضع للشريعة الإسلامية بجميع أحكامها.
الملك ابن السعود
ثم شاهدت جلالة ملك هذه الديار وخادم الحرمين الشريفين «عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود» وكان في جدة ذلك اليوم ، فوجدت فيه الملك الأشمّ الأصيد ، الذي تلوح سيماء البطولة على وجهه ، والعاهل الصنديد الأنجد ، الذي كأنما قدّ ثوب استقلال العرب الحقيقي على قدّه ، فحمدت الله على أنّ عيني رأت فوق ما أذني سمعت ، وتفاءلت خيرا في مستقبل هذه الأمة.
لا أقصد في إعجابي هذا بشخصية الملك ابن سعود تنقّص أحد من ملوك العرب الآخرين ، ولا التعريض بأيّ ملك أو أمير ينطق بالضاد ، بل نحن نتمنّى تأييد الجميع ، وتسديد الجميع ، كما نتمنى تأييد ابن سعود وتسديده بدون فرق ، وحبا بمصلحة الأمة العربية التي استقلالها مربوط باستقلالهم ، فأما إذا كانوا يشترطون على المحب لهم والمتواجد على خيرهم أن يكره لهم ابن سعود ، أو أن يسكت عن الإشادة بحسناته ، والإعجاب بما آتاه الله من المواهب ، فإنّ شرطا كهذا ليس من الانصاف في شيء ، ويكون من البديهي أننا لا نقبله.