يجيء الفارس برايته ، فيدخل عليها دون تنكيس ولا تطأطؤ ، قد أحكمت ذلك كلّه أمراس وثيقة من الكتان ، تتصل بأوتاد مضروبة ، أدير ذلك كلّه بتدبير هندسي غريب.
ولسائر الأمراء الواصلين صحبة هذا الأمير مضارب دون ذلك ، لكنّها على تلك الصفة ، وقباب بديعة المنظر ، عجيبة الشكل ، قد قامت كأنّها التيجان المنصوبة ، إلى ما يطول وصفه ، ويتسع القول فيه من عظيم احتفال هذه المحلة في الآلة والعدّة ، وغير ذلك مما يدلّ على سعة الأحوال ، وعظيم الانخراق (١) في المكاسب والأموال.
ولهم أيضا في مراكبهم على الإبل قباب تظلّهم ، بديعة المنظر ، عجيبة الشكل ، قد نصبت على محامل من الأعواد ، يسمّونها القشاوات ، وهي كالتوابيت المجوفة ، هي لركابها من الرجال والنساء كالأمهدة للأطفال ، تملأ بالفرش الوثيرة ، ويقعد الراكب فيها مستريحا ، كأنّه في مهاد ليّن فسيح ، وبإزائه معادله أو معادلته في مثل ذلك من الشقة الأخرى ، والقبة مضروبة عليهما ، فيسار بهما وهما نائمان لا يشعران ، أو كيفما أحبا ، فعندما يصلان إلى المرحلة التي يحطّان بها ضرب سرادقهما للحين ، إن كانا من أهل الترفّه والتنعّم ، فيدخل بهما إلى السرادق وهما راكبان ، ينصب لهما كرسيّ ينزلان عليه ، فينتقلان من ظلّ قبة المحمل إلى قبة المنزل ، دون واسطة هواء يلحقهما ، ولا خطفة شمس تصيبهما ، وناهيك من هذا الترفيه ، فهؤلاء لا يلقون لسفرهم وإن بعدت شقّته نصبا ، ولا يجدون على طول الحل والترحال تعبا.
ودون هؤلاء في الراحة راكبو المحارات ، وهي شبيهة الشقادف ، لكن الشقادف أبسط وأوسع ، وهذه أضمّ وأضيق ، وعليها ظلائل تقي
__________________
(١) [التوسعة].