الحجّاج (١) إلى عبد الملك يعلمه ببناء ابن الزّبير للكعبة ، وإدخاله فيها ما أدخل من الحجر فكتب إليه عبد الملك يأمره بردّها على ما كانت عليه في زمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وألّا يغيّر ما زاد في ارتفاعها فنقضها الحجّاج وبناها على ما هي عليه اليوم (٢).
ولمّا كان الرّشيد استشار مالكا ـ رحمهالله ـ في ردّها على ما صنع ابن الزّبير كما أراده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له (٣) مالك ـ رحمهالله ـ : ناشدتك الله يا أمير المؤمنين لا تجعل هذا البيت ملعبة (٤) للملوك ، لا يشاء أحد (٥) منهم إلّا نقض البيت وبناءه ، فتذهب هيبته من صدور النّاس ، فقبل الرّشيد كلامه ، وتركه على ما هو عليه.
فصل
[المسجد الحرام]
وأمّا المسجد الحرام (٦) ـ صانه الله تعالى ـ فإنّه لم يبن قديما ، ولا كان حول البيت حائط. وفي البخاريّ عن عمرو بن دينار وعبد الله بن أبي يزيد قالا : «لم يكن على عهد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم حول البيت حائط. كانوا يصلّون حول
__________________
(١) الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي : قائد أموي ، داهية ، خطيب ، ولد ونشأ بالطائف ، ولي مكّة والمدينة والطائف لعبد الملك بن مروان ، ثم العراق. بنى مدينة واسط بين الكوفه والبصرة توفي سنة ٩٥ ه. انظر مروج الذهب ٣ / ١١٩ وما بعد ـ وفيات الأعيان ٢ / ٢٩.
(٢) المناسك ٤٩١.
(٣) ليست في ط.
(٤) في ت : ملعبا.
(٥) في ت وط : أحدهم.
(٦) انظر ما قيل في المسجد الحرام في معجم البلدان ٥ / ١٢٤.