ب : إن مشاركته «صلىاللهعليهوآله» في حفر الخندق تجسد عمليا المساواة بين جميع فئات المجتمع ، وتخرجها عن أن تكون مجردة شعار يراد له أن يبقى في حدود إثارة المشاعر ، في النشاط الإعلامي الجماهيري ، دون أن يجاوز ذلك ليصبح حياة وحركة ، نهجا وسلوكا.
فالمساواة في نظر الإسلام نهج وسلوك ، وخلق إسلامي وإنساني رفيع ونبيل ، تنطق من خلاله وعلى أساسه مثل وقيم في جهات حياتية شتى.
ولأجل ذلك : نجد النبي «صلىاللهعليهوآله» يشارك أصحابه في حفر الخندق مشاركة حقيقية ، فهو يتعب كما يتعبون ، ويرتجز كما يرتجزون ، ويجوع كما يجوعون ، ويشاركهم حلو العيش ومره ، ويشترك معهم في تحمل المتاعب ومواجهة المصاعب ويكون أكثرهم عناء ، وأعظمهم غناء.
ج : إن هذه المشاركة منه «صلىاللهعليهوآله» لم تكن عن تواضع يريد من ورائه نيل رضاهم من خلال المواساة التي يتلمسونها في مشاركته تلك. بل هي منطلقة بالإضافة إلى ذلك من قناعة راسخة بالقيم والمبادئ ، وبالمثل الإسلامية والإنسانية ، التي تجعل ذلك عبادة إلهية ، وعبودية له سبحانه وتعالى ، تلك العبادة والعبودية التي لا تستثني ولا تجامل ولا تحابي أحدا أيا كان.
د : ومن الواضح : أن ارتباط النبي «صلىاللهعليهوآله» بالناس لم يكن من نوع الروابط التي تقوم بين الزعيم وبين قاعدته الجماهيرية ، ولا كانت هي رابطة حاكم ورعية ، وإنما كانت رابطة الأبوة المسؤولة والواعية ، التي يدفعها إحساسها الأبوي لتريد الخير لمن هم تحت تكفّلها من موقع الوعي والتدبير ، لا من موقع العاطفة الهوجاء ، ولا من منطلق التفكير المصلحي ، الذي يريد أن يستفيد من ذلك لتكريس زعامته ، أو كسب امتيازات