لكن القمي قد فصل ذلك حيث قال : «قوله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ..) (١) ، نزلت في عثكن (عثمان) يوم الخندق. وذلك أنه مر بعمار بن ياسر ، وهو يحفر الخندق ، وقد ارتفع الغبار من الحفر ، فوضع كمه على أنفه ومر ، فقال عمار :
لا يستوى من يبتني المساجدا |
|
يظل (فيصلي) فيها راكعا وساجدا |
كمن يمر بالغبار حائدا |
|
يعرض عنه جاحدا معاندا |
فالتفت إليه عثكن ، فقال : يا ابن السوداء إياي تعني؟
ثم أتى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فقال له (أي عثمان) : لم ندخل معك لتسبّ أعراضنا.
فقال له رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : قد أقلتك إسلامك فاذهب. فأنزل الله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ..) الخ ..» (٢).
وقد تقدم في جزء سابق حين الحديث عن بناء مسجد المدينة : أن ذلك قد حصل في تلك المناسبة في قضية حصلت بين عمار وعثمان.
ونقول :
إننا لا نريد أن ندخل في موضوع تحقيق الحق في كون ذلك قد حصل في البناء الأول للمسجد أو الثاني ، أو في حفر الخندق ، فإن تحقيق ذلك ليس له كبير أهمية ما دام أن أصل القصة ، وكلمة الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» مما لا شك فيه ، ولا شبهة تعتريه ، وقد أجمع عليه المحدثون
__________________
(١) الآية ١٧ من سورة الحجرات.
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٢٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢٤٣.