هذه قريش قد حلت وادي العقيق ، وغطفان بالزغابة.
قال غزال : جئتنا ـ والله ـ بذل الدهر.
قال حيي : لا تقل هذا.
ثم توجه إلى باب كعب بن أسد فدق عليه (١) ، فأغلق كعب دونه باب الحصن ، وقال : بيني وبين محمد عقد ، ولن أنقض ما بيني وبينه.
وفي نص آخر : «لم أر منه إلا وفاء وصدقا».
زاد الواقدي : «والله ، ما أخفر لنا ذمة ، ولا هتك لنا سترا ، ولقد أحسن جوارنا».
وعند البيهقي : «لم أر رجلا أصدق ولا أوفى من محمد وأصحابه ، والله ، ما أكرهنا على دين ، ولا غصبنا مالا الخ ..».
فقال حيي : افتح الباب أكلمك.
فقال كعب : ما أنا بفاعل.
فقال : والله ، إن أغلقت دوني الباب إلا على جشيشتك (٢) أن آكل معك منها.
فأحفظه حتى فتح له ، فقال : ويحك يا كعب (جئتك بعز الدهر ، وببحر طام) جئتك بقريش على قادتها وسادتها ، حتى أنختهم بالمدينة ، وجئتك بغطفان على قادتها وسادتها ، وقد عاهدوني ألا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه. فتأبّى كعب ، وقال : جئتني بذل الدهر ، بجهام هراق ماؤه
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٥.
(٢) الجشيشة هي : البر يطحن غليظا.