لناس بأن سبب هذه الريح هو موت عظيم من عظماء الكفار في المدينة. قد جاء بعد تسجيل نصر حاسم للمسلمين على بني المصطلق ، ولعل هذا النصر قد ترك في نفوسهم بعض الآثار التي يريد الله أن يزيلها. رحمة منه تعالى بالمؤمنين ، وتثبيتا لهم ، وتزكية لنفوسهم ، وتصفية لأرواحهم من أدران الغرور ، حين يظنون أنهم هم الذين صنعوا هذا النصر ، بما يملكون من شجاعة ، وإقدام وبسالة ، وبما أتقنوه من فنون حربية ، وبحسن سياستهم ، وسلامة تدبيرهم.
فأراد الله سبحانه أن يوجه أنظارهم نحو الغيب ، لكي تخشع قلوبهم ، وتخضع نفوسهم أمام عظمته سبحانه ؛ ليؤكد لديهم الشعور بالرعاية الإلهية ، وبالتوفيقات الربانية.
فربط الأمور بالغيب ضروري لهم ، في حالات قوتهم ، كضرورته لهم في حال ضعفهم ، وهو لازم لهم حين يسجلون النصر الحاسم ، كما هو لازم لهم حين يواجهون المشكلات الكبرى ، ويمسهم القرح والأذى.
٢ ـ إننا نلاحظ : أن هذا الإخبار الغيبي لهم بموت عظيم من عظماء الكفار في المدينة ، إنما أطلقه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، بعد أن أثار الله تعالى فيهم قدرا من الضعف ، أو الخوف والاضطراب أمام أمر لا يجدون لهم حيلة فيه ، أو طريقا لتلافيه. وذلك حين هبت ريح شديدة آذتهم ، وتخوفوها .. فجاء هذا الخبر ليربط على قلوبهم ، وليكون أبعد أثرا في نفوسهم ، ولكي يبقى محفورا في ذاكرتهم ، ماثلا أمام أعينهم ، لا يحتاجون في تذكره عند الحاجة إليه إلى بذل أي جهد أو عناء .. وهو خبر مفرح لهم من جهة ، ومطمئن لهم إلى أنهم في رعاية الله تعالى ، وتحت جناح رسول الله