مخطئ في خشيته للناس ، بل فيها : أن : يا محمد إن خشية الله هي الأهم والأولى.
فهو أسلوب من أساليب الإخبار بكفاية الله له أحد الأمرين اللذين كانا مفروضين عليه معا. وبعد أن حصلت الكفاية ، فإن عليه أن يصرف كل جهده في إنجاز الأمر الآخر ، الذي هو على درجة عظيمة من الأهمية ، بحيث يكاد يجب ترك كل شيء من أجله .. من قبيل من يشرب دواء ليتقي به بعض الأمراض .. وقد طمأنه الله تعالى إلى أنه قد تكفل بدفعها عنه فعليه أن يهتم بمعالجة الأمور التي تحتاج إلى مباشرة. أو هو من قبيل قولك : الطبيب الفلاني يعالج مرضى القلب ومرضى الملاريا والأولى والأهم هم مرضى القلب.
فليس معنى هذا : أنه قد أخطأ في معالجته لمرضى الملاريا إلى جانب مرضى القلب ، بل معناه : أن كلا الأمرين كانا حقا ، لكن معالجة مرضى القلب أحق وأولى.
وملاحظة أخيرة نذكرها هنا ، وهي : أن أول آية في سورة الأحزاب قد بدأت هكذا : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ ..) وهذا يشير إلى إرادة تعظيم التقوى ، حتى إن الله تعالى يطلب من نبيه أن لا يقتصر على بعض مراتبها ، بل المطلوب هو السعي لنيل سائر المراتب السامية والخطيرة منها.
فالأمر بالتقوى لا يستبطن اتهام النبي «صلىاللهعليهوآله» بعدم مراعاة جانبها .. وكذلك الحال بالنسبة لمراتب الخشية من الله تعالى. فإن قوله تعالى : (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) لا يدل على : أنه «صلىاللهعليهوآله» لا