فهذا التعليل يمنع من النسخ ؛ إذ إن كانت العلة للجلوس هي أن الإمام قد جعل إماما في جميع الأحوال ، فمن الواضح : أنه لم يطرأ شيء يوجب زوال هذه العلة ، بل هي لا تزال باقية على حالها ، فلا مبرر لا دّعاء النسخ مع بقاء علة ثبوت الحكم.
خامسا : إن ظاهر الرواية التي ذكرت هذا التعليل هو : أنها تريد بيان لزوم متابعة الإمام في أفعاله الصلاتية ، فإذا ركع ركعوا ، وإذا جلس جلسوا. وإذا قام قاموا ـ من حيث إن هذه هي أفعال الصلاة ـ.
وليس المقصود : أنه إذا طرأ على الإمام ما يمنعه من القيام ، فإن حكمهم يصير هو عدم القيام ، إذ لا يصح القول : إذا صلى راكعا صلوا معه راكعين ، وإذا صلى ساجدا أو نائما فعليهم أن يصلوا نائمين أو ساجدين ، وإذا صلى بالإيماء صلوا بالإيماء!! فإنه ليس هناك صلاة على هذه الصفة ولا تلك.
وهذا يعطينا : أن عبارة : «وإذا صلى قاعدا ، فصلوا قعودا أجمعون» مقحمة في هذه الرواية ، أو محرفة عن قوله : «وإذا قعد فاقعدوا».
__________________
ومصنف عبد الرزاق (ط سنة ١٤٢٣ ه) ج ٢ ص ١٨٨ و ١٨٩ وجمع الجوامع للسيوطي ج ٢ ص ٣٢٥ والأدب المفرد ص ٣٦٠ وفتح الباري ج ٢ ص ٢١٦ وسنن أبي داود كتاب الصلاة باب ٦٩ وسنن النسائي كتاب الصلاة باب ٤ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٢ ص ٢٢٤ ـ ٢٢٧ وج ٨ ص ٣٧٧ و ٣٧٨ ومسند الحميدي ج ٢ ص ٥٠٢ وتحفة الأحوذي ج ٢ ص ٢٩٢ وصحيح مسلم (بشرح النووي) ج ٤ ص ١٣٠ ـ ١٣٢ وسنن الدارمي (ط سنة ١٤٠٧) ج ١ ص ٣١٩ وسير أعلام النبلاء ج ٢٣ ص ١٣٠ وكنز العمال ج ٨ ص ٢٧٨.