الماء ، فأغار عليهم ، فقتل نفرا منهم ، أي عشرة ، وهرب سائرهم ، وساق نعما وشاء ، ولم يتعرض للنساء (١).
ونقول :
أولا : إن لنا تحفظا على كثير مما يقال في هذه السرايا ، خصوصا حين تعطي صورة غير واقعية عن سياسات رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، حيث يتخيل القارئ لرواياتها : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» بمثابة رئيس عصابة ، أو جماعة (والعياذ بالله) ليس له ولهم شغل إلا أن يترصدوا الناس الآمنين ليغيروا عليهم ، فيقتل رجالهم ، ويأسر ويسبي ذراريهم ، ونساءهم ، ويغنم أموالهم. من دون أي مبرر ظاهر ، أو مقبول وفق ما توحي به سرية القرطاء وأمثالها ..
ومن الواضح : أن طريقة النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآله» ، وكذلك طبيعة تعاليم الدين الحنيف إنما كانت تقضي بالرفق ، والسماحة ، والاهتمام بهداية الناس والحرص على سعادتهم ، بل كانت نفس النبي «صلىاللهعليهوآله» تكاد تذهب حسرات على أناس نصبوا له الحرب ، وبغوا له الغوائل ، لشدة حرصه على هدايتهم ، ونجاتهم مما هم فيه من الجهل والشرك ..
ولم يكن «صلىاللهعليهوآله» بالذي يهتم بشن الغارات على الناس الآمنين ، رغبة في قتلهم ، والحصول على أموالهم ، وأسر واستعباد من يتمكن من أسرهم واستعبادهم.
لقد كان النبي «صلىاللهعليهوآله» أنبل في نفسه ، والله تعالى أرحم
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧٤.