ما كان يخشاه ..
ولكن ذلك أيضا يبقى غير كاف لحسم الأمور لديه ، لإمكان التأويل والتفسير ، والتوجيه والتبرير. فباء بذلّ الخيبة ، وذاق مرارة الفشل الذي سيكون له ما بعده ، من خيبات تتلاحق ، وفشل يتوالى ..
أبو سفيان في المدينة :
وإن ما واجهه أبو سفيان في المدينة كان غاية في الروعة ، فقد ذاق طعم الذل والخزي مرة بعد أخرى ، وتجرع مرارة الخيبة والفشل كرّات ومرّات لم يعرف لها مثيلا في حياته كلها .. وقد تجلى هذا الذل في مظاهر مختلفة ، نذكر منها :
١ ـ أنه قد بدأ فيما ظن أنه أهونها عليه .. ألا وهو أن يوسّط ابنته لدى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وكأنه يريد أن يستفيد من العنصر النسوي ، والنسبي ، والعاطفي ، والتأثير الأنثوي ، على قرار رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ظنا منه : أنه «صلىاللهعليهوآله» كغيره من أهل الدنيا ، الذين يمارسون العمل في الصالح العام بعد وضعه في بوتقة المصالح الشخصية ، وصهره واستخلاص نتائجه لحساب الفرد وشهواته وأهوائه ، ومن يلوذ به من قريب أو عشير ..
مع أن الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» قد قدم لهم الدليل تلو الدليل على أنه يضحي بالنفس وبالمال والولد ، وبكل شيء في سبيل الصالح العام ، وبتعبير أدق : في سبيل الله ، والمستضعفين.
ولعل أبا سفيان حين لجأ إلى ابنته قد ظن أيضا : أن ظهور ضعفه لديها ،