مري ابنك :
ولعل ما ذكرناه آنفا حول طلب أبي سفيان من فاطمة «عليهاالسلام» أن تجير بين الناس ، يغني عن التعليق على طلب أبي سفيان منها «عليهاالسلام» أن تأمر ابنها الحسن «عليهالسلام» ، الذي كان بعمر الخمس سنوات ، أن يجير بين الناس ، فإن الكلام هنا هو نفسه الكلام هناك.
غير أننا نقول : إن علينا أن نضيف هنا ما يلي :
أولا : إن أبا سفيان يغري فاطمة بالإقدام على هذا الأمر بمنطق أن ذلك يجعل ولدها سيد العرب إلى آخر الدهر.
نعم ، وهذا هو منطق أهل الدنيا ، الذين يقيسون الأمور بمقاييس السمعة ، والشهرة ، والسيادة ، والمال ، والجاه ، وما إلى ذلك ..
وذلك هو منطق أبي سفيان ، لأنه من أهل الدنيا. وأما منطق العقل والدين ، والشرع ، ورضا الله تعالى والقيم الإنسانية ، والمشاعر النبيلة ، والمبادئ والخصال الحميدة ، ونحوها. فهو الذي تلتزم به فاطمة «عليهاالسلام» ، وتؤمن به ، وتنطلق في مواقفها منه. لأنها من أهل الدين والشرع ، والقيم الإنسانية ، والعقل والأخلاق الفاضلة ، والمزايا النبيلة ..
ثانيا : إن الإمام الحسن «عليهالسلام» كان كبيرا في نفسه وفق مقاييس أهل العقل والحكمة والإيمان ، وقد بايعه النبي «صلىاللهعليهوآله» في بيعة الرضوان ، وأشهده على كتاب ثقيف ، وأخرجه يوم المباهلة بأمر من الله ، وجعله شريكا في الدعوة ، ويتحمل مسؤولية إثباتها .. وغير ذلك ..
ولكن هذه لم تكن نظرة أبي سفيان إلى الإمام الحسن «عليهالسلام» ، بل هو ينظر إليه على أنه طفل كسائر أطفال الناس ، ويريد أن يستفيد منه