النهار ، مع أن مبرررات الانتقام كانت حاضرة ، والقدرة عليه ظاهرة ، فقد نكثوا العهد ، وقتلوا الأبرياء من الصبيان ، والنساء ، والرجال الضعفاء ، وجحدوا ذلك وأنكروه ، وسعوا إلى إبطال حق ضحاياهم بوسائل ما كرة ، ظهرت بعض معالمها فيما تقدم من فصول ..
فكان لا بد من إسقاط هيمنة الظالمين ، وكف أيدي العتاة المتجبرين لإفساح المجال لعباد الله ليتنفسوا نسيم الحرية ، وليخرجوا من أسر أولئك الطواغيت إلى كنف رعاية الله ، ويتفيأوا ظلال شرائعه وأحكامه ، حيث يكون النبي «صلىاللهعليهوآله» قائدهم ، والحق رائدهم.
وهكذا كان.
مكث ما شاء الله :
وقد صرح النص المتقدم : بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يبادر إلى دعوة الناس للتجهز للمسير بمجرد دعوة الخيبة لأبي سفيان .. بل هو قد أهمل هذا الأمر مدة تكفي إلى غياب ما جرى لأبي سفيان عن ذاكرتهم ، ثم أمرهم بالتجهز والاستعداد ، فلم يفطنوا إلى الجهة التي يقصدها في مسيره ذاك ..
ومن شأن جهلهم بمقصده أن يفوت الفرصة على محبي قريش ، والمتعاملين معها ، فلا يتمكنون من إنذارها في وقت مبكر لكي تأخذ حذرها وتستعد للقتال ، أو أن تزداد تحصّنا وتمنّعا يقلل من تأثّرها بالحشد الذي أعده ، وبالعدة التي هيأها ..