اللهم إلا إذا فرض : أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يعلم بضعف قريش هذا .. وهو أمر لا مجال لقبوله ، فإنه «صلىاللهعليهوآله» كان مطلعا على أحوال مكة ، واقفا على قدراتها ، عارفا بنواياها ، وتوجهاتها.
بل إن الأمر قد كان ميسورا لأي قائد آخر ، إذ إن عهد الحديبية قد سهّل انتقال أخبار مكة وأهلها إليه ، خصوصا من مسلمي مكة الذين كانوا منتشرين في مختلف البيوت ، ومن جميع الطبقات والفئات.
العباس الناصح لقريش على بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآله :
وواضح : أن ركوب العباس على بغلة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وبحثه عن رسول يرسله إلى قريش ، لا يمكن أن يكون بدون علم النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآله» ، بل ذلك ـ فيما يظهر ـ داخل في صلب خطة النبي «صلىاللهعليهوآله» لأخذ مكة من أولئك الجبارين والظالمين من دون قتال ، وذلك باعتماد طريقة ترسيخ القناعة لدى أقطابها بعجزهم عن مناجزته الحرب ، إلا إذا كانوا يريدون أن يلقوا بأيديهم إلى الدمار والبوار.
وقد كان العباس أفضل رسول إلى قريش وزعمائها ، فإنهم على قناعة تامة بأنه لا يمكن أن يفرط بهم ، كما أثبتته لهم تجربتهم الطويلة معه ..
فإذا جاءتهم النصيحة من قبل العباس ، فإنهم لا يرفضونها ، ولا يستغشونه.
وقد ظهر من تفدية أبي سفيان للعباس بأبيه وأمه ، مدى عمق علاقة المودة والصفاء فيما بينهما ، حتى إنه يجعل نفسه رهن إشارة العباس ..
ثم يظهر العباس هنا بمظهر القوي الحازم ، الذي يفرض رأيه وقراره