الجيش النبوي العظيم الذي رأوا نيرانه هو قبائل خزاعة.
ويرد عليه : أن بديل بن ورقاء كان خزاعيا ، وكان يعرف خزاعة وحججها ، وهذا يرجح الرواية التي تقول : إن رجلا آخر قال : هذه خزاعة ، فقال له بديل : هؤلاء أكثر من خزاعة (١).
ما هذا التصافي والإنسجام؟! :
ثم إن ما يثير العجب هنا هو هذا التوافق والإنسجام التام بين بديل بن ورقاء ، الزعيم الخزاعي ، وبين زعماء قريش ، التي شاركت في البطش بقومه ، وارتكبت مجزرة رهيبة في حقهم ، ونقضت العهد مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بالتعدي عليهم .. مع كون رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إنما يقدم مكة بهذا الجيش غضبا لخزاعة ، وسعيا لتأديب قريش ، والقضاء على بغيها وجبروتها الظالم.
ويؤكد هذا الذي نقوله : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حين أجاب حكيم بن حزام بقوله : «أنتم أظلم وأفجر ، قد غدرتم بعقد الحديبية ، وتظاهرتم على بني كعب ـ يعني خزاعة ـ بالإثم والعدوان ، وفي حرم الله وأمنه». قال بديل بن ورقاء الخزاعي : «صدقت ـ والله ـ يا رسول الله ، فقد غدروا بنا. والله لو أن قريشا خلوا بيننا وبين عدونا ما نالوا منا الذي نالوا» (٢).
فإذا كان بديل يرى قريشا غادرة فاجرة ، فما هذا التعاون والانسجام
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٨ و (ط دار المعرفة) ص ١٦.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٠ و (ط دار المعرفة) ص ١٩.