وقال لأبي بكر : اطو ما ذكرت لك.
فظان يظن أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يريد الشام ، وظان يظن ثقيفا ، وظان يظن هوازن (١).
ولنا مع ما تقدم عدة وقفات نسوقها على النحو التالي :
للمباغتة وجهان :
للمباغتة وجهان : وجه سيء ، ووجه حسن ، فمن يريد أن يباغت عدوه ليتمكن من إهلاكه ، وسحق كل قدراته ، وتدمير كل نبضات الحياة لديه ، يعتبر المباغتة فرصة للتخريب ، والتدمير والاستئصال ، والتنفيس عن الحقد ، والتشفي ، والانتقام الوحشي الذي لا يقف عند حد ، فهذا الانتقام سيء وقبيح ، وكذلك المباغتة التي هيأت له ..
وهناك المباغتة التي يمارسها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ويريد منها أن يهييء الجو لإلحاق هزيمة نفسية تتلاشى معها رغبة الطرف الآخر بالقتال ، ويواجه أجواء الفشل والإحباط ، ويدفعه إلى السعي لإنهاء المعركة ، والخروج من أجوائها الضاغطة ، فتنتج تلك المباغتة السلامة ، والنجاة ، وصيانة المال والعرض ، وربما يحتفظ بالكرامة والجاه ، وفق ما تسوقه إليه إرادته ، ويهديه إليه عقله ، وتهيئه له اختياراته.
وخير دليل على ما نقول : هذا الذي جرى في فتح مكة ، فإن عنصر المباغتة في الفتح كان ظاهرا وواضحا كالنار على المنار وكالشمس في رابعة
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٩٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٦٦ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٥٢.