حاطب ينفي الشك والنفاق :
وقد رأينا : أن أول ما دفعه حاطب عن نفسه هو تهمة النفاق والشك في الدين ، وتأكيد التزامه بإسلامه ، ويقينه به ..
ولم يناقشه النبي «صلىاللهعليهوآله» فيما ادّعاه من ذلك. بل هو قد سمع منه ، ثم ساق الحديث معه في اتجاه آخر ..
ومن الواضح : أن النفاق هو التهمة الأقسى ، والأشرّ والأضرّ بالنسبة لحاطب ، لأنه كفر قوي وفاعل ، يريد أن يلحق الضرر بالإيمان وبأهله ، إما بأن يسقط دعوتهم بأساليب من الختل والغدر والتخريب ، أو يريد سلب المسلمين قدراتهم ، والاستئثار بها لنفسه ..
وهذا يمثل خطورة مباشرة وعملية ومؤثرة ، لأنه كفر مهاجم يعمل بهدوء وأناة وطمأنينة بعد ان هيأ لنفسه موجبات ذلك ، حين أظهر الإسلام وأبطن الكفر ..
وأما مجرد الشك في الدين ، فهو وإن كان كفرا أيضا ، لكنه كفر مهزوم وراكد وضعيف ، يصارع الحقيقة في داخل نفسه ، ولا يقدر على تجاهلها والتخلص منها ..
وقد نفى حاطب عن نفسه الشك ، كما نفى عنها النفاق أيضا ..
ولم يرد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يقف معه عند هذه النقطة ولا أن يناقشه فيها .. لأنه يريد أن يبقيه في دائرة السيطرة ، ويعطيه فرصة ، ويفسح له المجال لإعادة ترتيب أوضاعه ، فإن هذا المقدار من القبول مطلوب له «صلىاللهعليهوآله» ولا يريد التفريط فيه .. ولذلك وجّه «صلىاللهعليهوآله» الأنظار إلى تلمّس عذر حاطب فيما أقدم عليه. وسنرى أنه