الله في هذا الأمر.
ثانيا : إذا كان لا بد من الحيرة ، فلا بد من أن تكون حيرة في أمر قريش ، وبكر بن وائل ، لا في أمر خزاعة. فإن خزاعة قد نكبت وظلمت ، فلا بد من التفكير في طريقة كف الظالم عن ظلمه ، وردع الباغي عن بغيه بعد أن لم ينتفعوا بالآيات والنذر ، ولم يستجيبوا لنداء العقل ، ولم يلتزموا بما يوجبه عليهم معنى الرجولة والشهامة ، وغير ذلك من معاني كانوا يزعمون أن لها دورا وموقعا في حياتهم ، وفي قراراتهم ، وحركتهم ، وإقدامهم ، وإحجامهم.
سلب الألطاف الإلهية :
إن الشرك والكفر من أعظم الذنوب التي لا يبقى معها أيّ أهلية للطف الإلهي ، ولكن عدم الأهلية هذا لا يفرض حجب الألطاف بصورة قاطعة ونهائية .. فقد تكون هناك عوامل أخرى توجب التفضل الإلهي على فاقد الأهلية ، بسبب ابتلائه بالشرك .. فمن كان سخيا ، أو حليما ، أو بارا بوالديه ، أو بغيرهما من ذوي رحمه ، ربما يتفضل الله تعالى عليه ببعض العنايات والتوفيقات ، حفظا لتلك الخصال ، أو مكافأة على بعض الأفعال ، أو لطفا بغيره من أهل الحاجة والاستحقاق ..
وقد ورد : أن بعض خصال الخير التي تكون في غير المؤمنين إنما جعلها الله فيهم لأجل حفظ أهل الإيمان.
فقد روي عن أبي عبد الله «عليهالسلام» أنه قال : إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ، ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم.