وقد قلنا : إن الظاهر هو : أنه قد نفر معه مئات من غير المسلمين أيضا ، لأنهم أدركوا : أن خطر ملك الروم عظيم وجسيم ، فلا بد لهم من الدفع عن أنفسهم ، وحفظ حوزتهم ، كما تقدم.
الحضور إلى المدينة في شهر رمضان :
وقد كانت رسالته «صلىاللهعليهوآله» إلى العرب هي : الطلب إليهم أن يحضروا إلى المدينة في شهر رمضان ، ولم يبين لهم سبب هذا الطلب ، ولا الغاية من حضورهم ، فهل هو يحضرهم لإبلاغهم أمرا ، أو لمشاورتهم فيه ، أو للاتفاق معهم على شيء بعينه ، أو لحرب أهل مكة ، أو حرب غيرهم؟ إن ذلك لم تحدده لهم تلك الرسائل التي أرسلها إليهم ..
وحتى بعد أن ظهر أن القصد هو التجمع للحرب ، فإن الأمر بقي غائما ومجهولا لهم ، إلى أن سار بتلك الجموع مسافات طويلة ، ثم سلك طريق مكة ..
ولم نجد منهم أي تمرد أو تململ أو ضيق من هذا القرار القاضي بحجب معرفة المقصد عنهم ، بل ربما يكون ذلك قد أشعرهم بخطورة الأمر وأهميته ، وهيأهم لمواجهة أي خيار يفرض عليهم بصبر وشجاعة.
وإن هذا يشير بلا شك إلى مدى تسليم الناس لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وثقتهم بتدبيره ، رغم أنهم لم يكونوا كلهم ـ حسبما استظهرناه ـ من أهل الإيمان ، والإسلام.
إبان المسير إلى قريش :
قد تقدم : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أمر عائشة بكتمان الأمر ،