بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١).
وهذا من أروع الأمثلة على طبيعة العلاقة بين القائد ورعيته ، حيث يبلغ الأمر في صفائها ونقائها ، وسلامتها وصدقها حدا تكون وسيلة المجرم والمسيء ، وشافعه إليه ، هو نفس ذلك الذي كانت الإساءة إليه ، ووقعت الجريمة عليه ..
قيمة العفو .. والاستغفار :
وتتجلى له قيمة الإستغفار ، وينعم بالعفو الرحيم من النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» ، ويأتيه ما أمّل ، ويهب النبي الأكرم «صلىاللهعليهوآله» لحاطب بن أبي بلتعة جرمه ، رغم خطورته ، ويجعل قيمة هذا العفو : أن يستغفر حاطب ربه ، وأن لا يعود لمثل ما فعل.
أي أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يفرض عليه غرامة ، ولا مارس في حقه تعزيرا ، ولا وجه إليه أية كلمة إهانة ، ولا أمر بالتضييق عليه في سجن ، ولا في غيره ، كما أنه لم يفرض عليه الإقامة في بلد بعينه ، ولا حد من حرية حركته ، ولا منع الآخرين من التعاطي معه ، ولا .. ولا ..
بل أراد أن لا تزيد عقوبته على إخراجه من المسجد وهي عقوبة تكاد تكون رمزية ، من حيث إنها تعبر عن إبعاد محدود عن ساحة الرضا ، ما دام أن ما فعله حاطب كان سيؤدي إلى الإضرار بأهل الإيمان. وهو قد ميّز نفسه عنهم ، وأراد أن يكون هو في معزل عن أجوائهم ، ولا يريد أن يناله ما
__________________
(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.