على أنه إنما أسلم تحت وطأة الخوف من هذا الجيش القادم ، ولم يسلم طوعا ، ومن يكون من الطلقاء لا يخرج لتلقي رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
فالظاهر هو : أنه قد جرى للعباس مثلما جرى لأبي سفيان وبديل بن ورقاء وغيرهما. أي أنه إنما خرج يتنسم الأخبار .. فأبعد عن مكة أكثر من أبي سفيان ، فواجه الجيش العظيم القادم ، فاضطر إلى الاستسلام ، وإظهار الإسلام ، ثم عاد مع ذلك الجيش إلى مكة ، ولقي أبا سفيان ومن معه في الطريق ، وكان ما كان مما سيأتي بيانه إن شاء الله.
أين لقي العباس رسول الله صلىاللهعليهوآله؟! :
وقد ذكرت النصوص المتقدمة مواضع مختلفة ادّعت أن العباس لقي النبي «صلىاللهعليهوآله» فيها.
ففي بعضها : أنه لقيه بالأبواء ..
وفي بعضها : أنه لقيه بالجحفة.
وقيل : بذي الحليفة.
وقيل : بالسقيا.
وقيل : بثنية العقاب.
والأبواء بالنسبة للآتي من المدينة إلى مكة تقع قبل الجحفة مما يلي الجحفة بثلاثة وعشرين ميلا (١). فتكون على بعد خمسة أيام من المدينة.
والجحفة تقع على أربع مراحل ونصف من جهة مكة ، وتبعد خمس
__________________
(١) معجم البلدان ج ١ ص ٧٩ ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١١١٨ ومراصد الإطلاع ج ١ ص ١٩ وفتح الباري ج ٤ ص ٢٨ وعمدة القاري ج ١٤ ص ٢٦٠.