أن الله ألقى الإسلام في قلب أبي سفيان بن الحارث ..
فإنه هو نفسه يتابع الحديث ليدلل فيه : على أن خروجه إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يكن رغبة منه بالإسلام ، بل كان خوفا من القتل بعد أن أهدر النبي «صلىاللهعليهوآله» دمه ، وقد ضاقت عليه الدنيا ، ولم يعد يجد أحدا يصحبه ، أو يكون معه بعد أن ضرب الإسلام بجرانه.
ج : علم ابن الحارث بقدوم رسول الله صلىاللهعليهوآله :
وقد زعمت الرواية المتقدمة : أن ابا سفيان بن الحارث قال لزوجته وولده : تهيأوا للخروج ، فقد أظل قدوم محمد عليكم ..
ونحن نشك كثيرا في صحة ذلك ، فإن أحدا من أهل مكة لم يكن يعلم بقدوم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، بل من أهل المدينة أنفسهم ، حتى ذلك الجيش العرمرم الذي كان مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يعرف مقصد النبي «صلىاللهعليهوآله» ، حتى بلغ مشارف مكة ، حسبما أوضحناه فيما سبق ، فمن أين علم أبو سفيان بن الحارث بقدومه «صلىاللهعليهوآله» ليخبر زوجته وولده بذلك؟!
ولعل الصحيح هو : أن هذا الرجل كان يعيش حالة من الرعب ، بسبب هدر دمه من قبل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فكان يتوقع القتل عند رؤية أي إنسان يحتمل أن يكون من المسلمين.
وقد صرحت الرواية : بأنه قد أظهر خوفه من القتل مرات عديدة ، فخرج يطلب الأمان لنفسه من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، متوسلا إليه بقرابته منه ، ظنا منه أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يتأثر بذلك ،