بداية :
إن فتح مكة كان نقطة تحول في تاريخ الإسلام ، وفي الأوضاع العامة في الجزيرة العربية بأسرها ... حيث لم يعد أحد يجد أي عقدة أو حرج من أية جهة كانت في الإقبال على هذا الدين ، والإنضواء تحت لواء الإسلام ، بل أصبح ذلك موضع تنافس ، وتسابق ، لأنهم وجدوا فيه فرصة لتعزيز موقعهم ، وتأكيد وجودهم ودورهم في صنع المستقبل ، ورسم مسار الأمة بأسرها إلى مصيرها ..
وأصبح أعداء الأمس وصناع الحروب ضد هذا الدين وأهله أتباعا بل أذنابا ، أكثر ما يهتمون له هو : أن يجدوا وسيلة لتأكيد صدق ولائهم ، وصحة إيمانهم ، وسلامة اعتقادهم .. أو أن يظهروا المزيد من الحرص على كسر شوكة أعداء دين الله ، والنكاية فيهم ، وصدقهم في مناهضتهم وردّ عاديتهم ..
وأصبحت لا تسمع منهم إلا المدح والثناء ، وإلا العبارات الطافحة بالرضا ، والمعبرة عن مشاعر العرفان بالجميل ، وعن الشعور بالإمتنان ، وبالشكر الجزيل لمن كان بنظرهم قاطعا للرحم ، وسببا في الخلاف وفي الاختلاف ، ومن وصفوه بالكاهن والساحر والمجنون ، وبالشاعر الذي يتربصون به ريب المنون ..