التجهيز لسفر مبهم :
ثم إن النص المتقدم يقول : إنه «صلىاللهعليهوآله» قال لعائشة : جهزينا وأخفي أمرك ..
أي أنه «صلىاللهعليهوآله» يريد منها أن تخفي أصل التجهز ، والاستعداد لسفر لم يحدده لها ولا عرّفها طبيعته ، هل هو سفر للحرب؟ أو لزيارة منطقة بعينها؟ أو لأي غرض آخر ..
والذي نريد أن نستوضحه هنا هو : أنها إذا كان المطلوب منها إخفاء نفس التجهيز له ، فهذا يدل على أنه يريد سفرا لا يعرف به أحد ، فهل يريد أن يسافر وحده «صلىاللهعليهوآله» دون سائر المسلمين؟!
وربما يمكننا أن نجيب على هذا التساؤل بتقديم أحد احتمالين ، ربما يكون أحدهما أو كلاهما هو السبب.
الإحتمال الأول : أن يكون الغرض هو إخفاء هذا الأمر عن أناس بأعيانهم ، لهم نوع اتصال قريب بها ، لعله يخشى من أن يبادروا إلى إعلام قريش بالأجواء التي استجدت في المدينة ، تماما كما حصل في قضية حاطب بن بلتعة الآتية ، حيث بادر بالكتابة لقريش بمجرد أن علم بتهيؤ المسلمين لغزو مّا ، رغم أنه لم يعلم المقصود بالغزو أصلا ..
الإحتمال الثاني : أن يكون «صلىاللهعليهوآله» قد اراد تقديم نموذج من معاناته ، ليعرف الناس عظمة صبره ودقة ملاحظته ، وصحة تدبيره الذي انتهى بذلك الفتح العظيم ..
فإنه إذا كانت زوجة الرسول لم تستطع كتمان هذا الأمر لمدة ساعة أو ساعات ، حتى أفشته لأبيها ، رغم توصية رسول الله «صلىاللهعليهوآله»