نوفل بن معاوية الديلي فيه ، وقال له :
أنت أولى الناس بالعفو ، ومن منا لم يعادك ولم يؤذك؟ ونحن في جاهلية ، لا ندري ما نأخذ وما ندع ، حتى هدانا الله بك من الهلكة ، وقد كذب عليه الركب ، وكثّروا عندك.
فقال : دع الركب ، فإنّا لم نجد بتهامة أحدا من ذي رحم ولا بعيدا كان أبر بنا من خزاعة.
فأسكت نوفل بن معاوية.
فلما سكت قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : قد عفوت عنه.
فقال نوفل : فداك أبي وأمي (١).
نوفل يضيع الحق :
ونقول :
إن كلام نوفل لم يكن منصفا ولا دقيقا ، فلاحظ ما يلي :
١ ـ إنه يبدو : أن كلام نوفل بن معاوية كان يهدف إلى تصغير ذنب أنس من جهة ، وإلى تضييع الحق من جهة أخرى.
فما قاله يؤدي إلى أن يصبح عفو رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن مرتكب هذا الجرم العظيم ، الذي يرمي إلى إلحاق الوهن بالإسلام ، من خلال الجرأة على نبيه ، يصبح عفوه عن جرم كهذا غير ذي أهمية ، بل هو سيجعل ذلك واجبا إنسانيا إلى حد يكون معه النبي «صلىاللهعليهوآله»
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٨٩ و ٧٩٠ و ٧٩١ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٨٣ وراجع : الإصابة ج ١ ص ٢٧٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ٢٣.