كما إذا كان جاهلاً بالحكم على القول بالصحّة في هذه الصورة فكلتا الصورتين خارجتان عن محطّ البحث.
أمّا إذا كان فاسداً ، فلأنّه لم يأت بالمأمور به على ما هو عليه ، والبحث فيما إذا أتى به على النحو المطلوب.
وأمّا إذا كان صحيحاً فالأمر الثاني من باب العقوبة لا لعدم الإجزاء ، وقد ورد به التصريح في رواياتنا.
قال زرارة : قلت : فأي الحَجَّتين لهما؟ قال : «الأُولى التي أحدثا فيها ما أحدثا ، والأُخرى عليهما عقوبة». (١)
وعلى ذلك فهناك أمران : أمر بنفس الحجّ بما انّه واجب عباديّ ماليّ وقد امتثله ، وأمر به بما انّه عقوبة وكفّارة لما أحدثا في أثناء العبادة من الجماع.
فإن قلت : ربما يجوز تبديل امتثال بامتثال آخر ، كما إذا طلب المولى ماءً ليشربه فأحضره ، فانّ للعبد تبديل هذا الامتثال بامتثال أفضل ، كما إذا أتى ثانياً بماء حلو أكثر ، أو وعاء انظف قبل أن يقضي المولى حاجته بالشرب.
قلت : إنّ الأمر الأوّل قد سقط بإحضار الماء وليس المقام من قبيل تبديل امتثال بامتثال آخر ، بل من قبيل تبديل فرد من المأمور به إلى فرد آخر أحلى منه ، والفرق بينهما واضح فانّ تبديل الفرد لا يتوقف على بقاء الأمر بل يصحّ وإن كان الأمر ساقطاً ، بخلاف تبديل الامتثال فانّه فرع بقاء الأمر حتى يصدق عليه انّه تبديل امتثال بآخر.
فإن قلت : إذا أحضر الماء وأُهرق واطّلع العبد عليه وجب عليه إتيانه ثانياً.
قلت : إنّ الأمر الأوّل قد سقط بالامتثال ، وأمّا الأمر الثاني فهو امتثال آخر
__________________
(١) الوسائل : ٩ ، الباب ٣ من أبواب كفارة الاستمتاع ، الحديث ١٠.