الفصل الأوّل
في دلالة صيغة الأمر على الوجوب
من البحوث المهمة هي تحقيق مفاد صيغة الأمر وانّها هل هي موضوعة للوجوب أو للأعم منه ومن الندب؟ والمشهور عند الأُصوليّين دلالتها على الوجوب على نحو يأتي ، ولتحقيق ذلك نقدّم بحثاً في تبيين حقيقة الوجوب والندب والآراء المطروحة في هذا الصدد.
لا شكّ انّ الوجوب والندب من أقسام البعث الإنشائي ، وإنّما الكلام فيما يحصل به امتياز أحدهما عن الآخر ، فقيل فيه وجوه :
أ : الوجوب هو البعث الإنشائي مع المنع من الترك ، والندب هو البعث الإنشائي لا مع المنع من الترك.
يلاحظ عليه : أنّ المتبادر من الوجوب والندب هو الحتمية وعدمها ، وما ذكره تحليل عقلي لهذين المعنيين البسيطين وليسا بموضوع له لهذين اللفظين.
ب : الوجوب هو الطلب الموجب لاستحقاق العقوبة عند مخالفته ، والاستحباب هو الطلب غير الموجب له.
يلاحظ عليه : أنّ الاستحقاق وعدمه من آثارهما بعد تحقّقهما ، والكلام في المقام في مقوّماتها ، والمقوّم يجب أن يكون مقارناً لا متأخّراً.