أمّا مقام الجعل والتشريع فقد عرفت أنّ الحكم يتعلّق بما هو دخيل في تحصيل الغرض ولا يسري إلى الخصوصيات الملازمة أو المقارنة ، فالوجوب يتعلّق بالصلاة بما هي هي ، والحرمة بالغصب بما هو هو ، وأمّا الأمر الخارج عن تينك الطبيعتين فلا يكون متعلقاً للأمر ولا للنهي.
وأمّا مبادئ الأحكام الّتي يراد بها الحب والبغض والمصلحة والمفسدة فيجتمعان بلا تضاد فيها. حيث إنّ الحب يتعلّق بالصلاة بما هي هي والكراهة بالغصب بما هو هو ، فالمحبوب هو الحيثية الصلاتية كما أنّ المبغوض هو الحيثية الغصبية.
وأمّا ملاكات الأحكام فالمصلحة قائمة بالصلاة ، والمفسدة قائمة بالغصب ، والعمل بما هو صلاة ، ذو مصلحة وبما هو غصب ذو مفسدة ، وبما انّ العمل ليس أمراً بسيطاً ، فلا مانع من أن يكون ذا مصلحة ومفسدة لحيثيتين مختلفتين ، نظير إطعام اليتيم في الدار المغصوبة فلا تضاد في ملاكات الأحكام.
وأمّا عدم لزوم المحذور (التكليف بغير المقدور) في مقام الامتثال فتوضيحه يتم ببيان أمرين :
١. إنّ تعلّق الوجوب بالحيثية الصلاتية ، وتعلّق الحرمة بالحيثية الغصبية وتصادقهما في الصلاة في الدار المغصوبة ، لا يوجد مشكلاً أبداً ، ولا يدفعنا إلى الأخذ بأحد الإطلاقين ورفع اليد عن الإطلاق الآخر وذلك لانّها لو كانت الحيثية الثانية من اللوازم غير المنفكة ، كان لتوهم «التكليف بغير المقدور» مجال ، إذ كيف يمكن أن يأمر بالصلاة وهي لا تنفك دائماً عن الغصب المبغوض ، وأمّا إذا كانت الحيثية الثانية من الأُمور المقارنة ، التي كثيراً ما تنفك عن الأُخرى فلا يلزم المحال في مقام الامتثال إذ في وسع المكلّف امتثال الواجب في مكان مباح.
٢. انّ تصادق العنوانين على الحركة الواحدة لا يستلزم اجتماع حكمين