نعم فرق بين الخصوصية المتلازمة والخصوصية المفارقة ، فانّ الأُولى كالزوجية بالنسبة إلى الأربعة لا يمكن أن يكون حكمها (لكونها خصوصية ملازمة) مضاداً للملزوم ، فلو أمر بإيجاد الأربعة يمتنع عليه أن ينهى عن الزوجية. وهذا بخلاف ما إذا كانت الخصوصية (كالغصب بالنسبة إلى الصلاة في الدار المغصوبة) مفارقة فيمكن أن يكون الخصوصية محرّمة ونفس الفعل واجباً كما في المقام. ولا يلزم أي محذور فيه كالتكليف بالمحال إذ في وسع المكلّف امتثال المأمور به في غير المكان المغصوب ، لكنّه إذا أتى به في المكان المغصوب فقد جاء بالواجب منضماً إلى الحرام الذي له فيه مندوحة. ولكلّ حكمه ، فلو كان الواجب توصلياً برأت ذمة المكلّف ولو كان تعبدياً كما في المقام يتوقف الامتثال على تمشّي قصد القربة كما في الجاهل.
فقد خرجنا بالنتيجة التالية : انّه لا مانع من حفظ إطلاق كلا الدليلين : «صلّ ولا تغصب» في مورد التصادق الذي جمع المكلف بين المأمور به والمنهي عنه في مصداق واحد بسوء اختياره ، فالوجوب سائد غير ساقط كما أنّ النهي كذلك وأنّ البعث والنهي في زمان واحد لا يستلزم الأمر بالمحال لما عرفت من أنّ الخصوصية ، مفارقة لا ملازمة ، ولا يشترط في المفارق عدم التضاد في الحكم وإنّما يشترط في الخصوصية الملازمة.
ولك أن تقرر هذا الدليل بوجه آخر ، وهو انّ محذور الامتناع أحد أُمور ثلاثة :
أ : أن يكون هناك تضاد في مقام الجعل والتشريع.
ب : أن يكون هناك تضاد في مبادئ الأحكام.
ج : أن يكون تضاد في ملاكات الأحكام.
د : أن يكون تضاد في مقام الامتثال.
ومن حسن الحظ انّه ليس هناك أيُّ تضاد في واحد من هذه المقامات.