دليل القائل بالتداخل
إنّ القائل بالتداخل يعترف بهذا الظهور (حدوث الجزاء عند حدوث الشرط) إلّا أنّه يقول : لا يمكن الأخذ به ، لأنّ متعلّق الوجوب في كلا الموردين شيء واحد وهو «طبيعة الوضوء» ، ومن المعلوم أنّه يمتنع أن يقع الشيء الواحد متعلّقاً لوجوبين وموضوعاً لحكمين متماثلين ، والمفروض أنّ متعلّق الوجوب في كليهما طبيعة الوضوء لا طبيعة الوضوء في أحدهما والوضوء الآخر في الثاني حتى يصح تعلّق الوجوبين بتعدّد المتعلّق ، فإطلاق الجزاء (متعلق الوجوب) ، بمعنى أنّ الوضوء بما هو هو موضوع لا هو مع قيد كلفظ «آخر «، يقتضي التداخل.
إلى هنا تبيّن دليل القولين ؛ فالقائل بعدم التداخل يتمسّك بظهور القضية الشرطية في حدوث الجزاء عند كل شرط ، وهو يلازم عدم التداخل في الأسباب ؛ والقائل بالتداخل يتمسّك بوحدة المتعلّق وكون الموضوع للوجوبين هو نفس الطبيعة التي تقتضي وحدة الحكم ولا تقبل تعدّده ، فلا بد من رفع اليد عن أحد الظهورين.
والظاهر تقديم ظهور القضية الشرطية في حدوث الجزاء عند كلّ شرط ، على إطلاق الجزاء في وحدة المتعلَّق ، فتكون قرينة على تقدير لفظ مثل «فرد آخر» أو لفظ «مرّة أُخرى» في متعلّق أحد الجزاءين ، وعندئذ يكون الموضوع للوجوب في إحدى القضيتين ، هو الطبيعة ، كما يكون الموضوع للوجوب في القضية الأُخرى ، الفرد الآخر.
ولعل العرف يساعد لتقديم ظهور الصدر على ظهور الذيل بالتصرف في الثاني بتقدير لفظ «آخر» لقوة ظهور الصدر.
ويمكن توجيه تقديم ظهور الصدر على إطلاق الذيل بالارتكاز العرفي ، إذ