ما لم تُعلم حدودها وتعيّناتها ، فالعلم الذي يقوم بهذه المهمّة هو علم الأُصول حيث يُحدِّد ويعيِّن حدودَ ذلك الموضوع وخصوصياته وتعيّناته بإحدى الحجج ، كما أنّه ربما ينفي تعيّنها وتحددها بأُمور أُخرى كالقياس والاستحسان.
فتلخص من ذلك انّ الموضوع هو «الحجّة في الفقه» بوجه مطلق غير متعيّن الحدود والخصوصيات ، وأمّا العوارض فهي ما يُخرج الموضوع عن الإطلاق ويحدده ويقيده بإحدى الخصوصيات.
وأنت إذا تفحّصت المسائل الأُصولية تقف على أنّ روح البحث في جميعها يرجع إلى تعيين الحجج على الأحكام الشرعية أو الوظائف العملية ، وما من مسألة من المسائل الأُصولية إلّا ويحتج بها على أحد الأمرين بنحو من الاحتجاج.
وأمّا الثالث أعني مسائله فقد تبين ممّا ذكرنا ، فإنّها عبارة عن المحمولات (العوارض) التي تعرض للموضوع أي الحجّة في الفقه على وجه الإطلاق ، فالخصوصيات المحمولة على الموضوع من كونها خبر الواحد أو الاستصحاب أو غير ذلك هي مسائل ذلك العلم. (١)
وإن شئت قلت : انّ الحجّة في الفقه بوصف الإطلاق هي الموضوع ، وتعيناتها وتشخصاتها بإحدى الخصوصيات هي المسألة.
وأمّا الرابع أعني غايته فقد تبين ممّا ذكرنا فانّ غاية ذلك العلم هي تحصيل ملكة استنباط الحجج على الأحكام أو الوظيفة العمليّة.
__________________
(١) فانّ الحق انّ المسائل عبارة عن نفس المحمولات المنتسبة إلى موضوعاتها في مقابل من يقول بانّها عبارة عن المركب من الموضوع والمحمول والنسبة. والتفصيل موكول إلى محلّه.