حدّه عليه : أنّ التّعهد ، أو الالتزام النفسي غير داخل في حقيقة الوضع ، بل هو من دواعيه ، الخارجة عن حقيقة الشيء ، فيكفي في تحقّق الوضع «جعل اللّفظ في مقابل المعنى» بداعي الانتقال إليه عند التكلّم كما هو الحال في سائر الدوال كالعلامات الرائجة لإدارة المرور ، فلا فرق بين وضع الألفاظ ونصب العلامة على رأس الفرسخ ، فالوضع في الجميع على نسق واحد ، فليس عمل ناصب العلامة على رأس الفرسخ إلّا وضعه عليه بداعي الانتقال من رؤيته إليه من دون تعهّد منه.
ويدلّ على ذلك انّ الملموس في المجامع العلمية المختصة لوضع الألفاظ للمعاني المستحدثة ، غير ذاك فانّ الأخصّائيّين من علماء اللغة ، ليس لهم شأن إلّا تعيين الألفاظ في مقابل المعاني ، ولا يخطر ببالهم عند الوضع غير هذا ، وأمّا التزام الواضع بأنّه متى أراد تفهيم المعنى ، يتكلّم بهذا اللّفظ فهو من دواعي الوضع وليس نفسَه ولا جزءه.
فالحقّ أن يقال : إنّ وضع الألفاظ للمعاني ، أمر اعتباري يُعلم كنهه من حال سائر العلامات والدوال التي تضعها إدارة المرور للانتقال إلى وظائف خاصة ، ككون الدخول في الشارع مجازاً أو ممنوعاً ، فإنّ ماهية جعل تلك الدوال ليس إلّا جعلها للانتقال إلى مقاصد خاصة ، فيكون وضع الألفاظ أيضاً من هذه المقولة ، ويعرف بأنّها «جعل اللفظ في مقابل المعنى» بداعي الانتقال إليه عند سماعه ؛ أو تعينه علامة على المعنى بسبب كثرة الاستعمال. والأوّل كما في الوضع التعييني ، والثاني كما في الوضع التعيّني.
ثمّ إنّ وضع اللفظ في مقابل المعنى أو استعماله فيه بداعي الوضع كما إذا قال : ائتني بولدي الحسن بداعي تسميته به عمل اختياري صادر من الفاعل المختار الذي لا يرجِّح أحد الطرفين إلّا بمرجّح. وامّا ما هو المرجّح لاختيار لفظ