يلاحظ عليه : أنّ المجاز غير مطرد حتى في صنف العلاقة الذي وصفه لما عرفت من أنّ صحّة المجاز وراء العلاقة قائمة بأمرين :
أ. حسن الادّعاء.
ب. كون المقام مناسباً لإظهار هذا الادّعاء.
وعلى ذلك فالمجاز غير مطرد حتى في صنف العلائق بل يتوقّف مضافاً إلى صنف العلاقة على توفُّر الشرطين المذكورين ولذا لا يصحّ استعمال الأسد في الرجل الأبخر لعدم حسن الادّعاء ، كما لا يصحّ نداء الرجل الشجاع بلفظ يا أسد إذا لم يكن المقام مناسباً لإظهار الادّعاء كما إذا كان النداء لأجل تناول وجبة طعام.
هذا كلّه حول تقرير القوم.
ولكنّ التحقيق انّ العلامة المفيدة التي يدور عليها كشف الحقيقة وتمييزها عن المجاز هو هذه العلامة ولكنّ القوم أنار الله برهانهم لم يعطوا للمسألة حق النظر ، ولو أمعنوا فيها لأذعنوا بأنّه من أنجع العلائم وأشملها ، وذلك انّ الجاهل باللغة إذا أراد أن يعرف معاني اللغات الأجنبية من أهل اللسان ، فليس له طريق إلّا الاستماع في مقامات مختلفة لمحمولات عديدة على موضوع واحد ، كما إذا رأى أنّ الفقيه يقول : الماء طاهر ومطهّر ، أو قليل أو كثير ، والكيمياوي يقول : الماء رطب سيال ، والفيزياوي يقول : الماء لا لون له ، ورأى اطراده في الموضوع الخاص ، يحدس انّ اللفظ موضوع على ما استعمل فيه في هذه الموارد ، لأنّ المصحّح : إمّا الوضع أو العلاقة ، والثاني لا اطراد فيه والمفروض انّه مطرد فتعين الأوّل.
وهذا هو الطريق الرائج في تحصيل معاني اللغات ، وعلى ذلك بُني منهج التفسير البياني في تحقيق كلمات الذكر الحكيم ، حيث يتتبَّع موارد استعمال اللفظ