للصحيح ويكفي في صحّة التمسّك إحراز الموضوع عرفاً ، وذلك لأنّ المعاملات مخترعات عرفية ، وقد أمضاها الشارع بما لها من المعنى العرفي ، غير انّه أضاف شروطاً أو اعتبر موانع من الصحّة ، فعلى ذلك فيمكن استكشاف ما هو المؤثر عند الشارع من خلال ما هو المؤثر عند العرف (إلّا إذا دلّ الدليل على عدم التطابق). إذ لو كان المؤثر عنده غير ما هو المؤثر عند العرف لزمه البيان لئلّا يلزم نقض الغرض ولغوية الأدلّة الإمضائيّة.
وبعبارة أُخرى : انّ أسماء المعاملات التي وقعت مورد الإمضاء سواء أكانت اسماً للسبب كما في قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) أم كانت اسماً للمسبب أي العلقة الحاصلة من الايجاب والقبول كما في قوله سبحانه : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (١) وقوله : «الصلح جائز بين المسلمين» (٢) ألفاظ واضحة المعاني عند العرف غير انّ الشارع تصرّف فيها بإضافة قيد أو شرط أو غير ذلك ، فإذا كان كذلك يكون الفهم العرفي في هذه الألفاظ طريقاً شرعياً إلى ما هو المعتبر عند الشارع إلّا ما خرج وذلك أخذاً بمقتضى الإطلاق ، إذ لو كان ما هو السبب المؤثر عنده غير ما هو المرتكز في أذهان العرف كما في بيع المنابذة (٣) ، أو كان المسبب المعتبر عنده غير المعتبر عند العرف كما في نكاح الشغار. (٤) كان عليه البيان وإلّا تلزم لغوية هذه الإمضاءات التي تصبح مجملات.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) الوسائل : الجزء ١٣ ، الباب ٣ من أبواب كتاب الصلح ، الحديث ٢.
(٣) وهو بيع القاء الحجر أو بيع الحصاة فيحضر الرجل قطيع الغنم فينبذ الحصاة ويقول لصاحب الغنم انّ ما أصاب الحجر فهو لي بكذا.
(٤) نكاح الشغار : أن يزوج الرجل ابنته أو أُخته ويتزوج ابنة المتزوج أو أُخته ولا يكون بينهما مهر غير التزويجين لاحظ الوسائل : الجزء ١٤ ، الباب ٢٧ من أبواب عقد النكاح الحديث ٢.