وإطارا عاما يربط بين جميع قواعده ومبادئه ، وسوره وآياته ، وهذا الرابط هو الدعوة إلى أن يحيا الناس ، كل الناس ، حياة طيبة يسودها الأمن والعدل ، ويغمرها الخصب والسلام : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) ـ الأنفال ٢٣».
ولدعوة الله والرسول الى الحياة أسلوب خاص ، وركائز تقوم عليها ، أما أسلوب الدعوة فقد حدده الله سبحانه بقوله لنبيه الأكرم (ص) : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ـ النحل ١٢٥». والمراد هنا بالحكمة والموعظة الحسنة ان يخاطب القلب والعقل ، ويعرض في دعوته الى الله بدائع المخلوقات ، وعجائب الكائنات : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) ـ فصلت ٥٣».
وان يحذر المشاغبين والمعاندين من سوء العاقبة والمصير ، ويضرب لهم الأمثال من الأمم السابقة ، كما فعل شعيب ، حيث قال لقومه : (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) ـ هود ٨٩». فإن أصروا على العناد تركهم وشأنهم ، حيث لا مزيد من البينات والبراهين : (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) ـ آل عمران ٢٠» : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ).
أما ركائز الدعوة الى الحياة الطيبة فنذكر منها ما يلي :
١ ـ ان الإنسان لم يوجد في هذه الحياة صدفة ومن غير قصد : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) ـ النحل ٧٠».
٢ ـ ان الله سبحانه لم يترك الإنسان سدى تتحكم فيه الأهواء والنزوات ، بل اختط له طريقا سويا لا يجوز أن يتخطاه ويتعداه : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) ـ القيامة ٦». (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ الحجر ٩٢».
٣ ـ الأمن وصيانة النظام ، ومن أخل به ، وسعى في الأرض الفساد عوقب بأشد العقوبات في الدنيا ، وله في الآخرة عذاب أليم : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ـ المائدة ٣٣».