ان شيخا غنيا من بني إسرائيل قتله بنو عمه طمعا في ميراثه ، ثم ادعى القتلة على أناس أبرياء أنهم قتلوه ، وطالبوهم بديته ، ليدفعوا عنهم تهمة القتل ، فوقع الاختلاف بينهم والشجار ، فترافعوا الى موسى (ع) ، وحيث لا بينة تكشف عن الواقع سألوا موسى ـ كالمعتاد ـ ان يدعو الله ليبين لهم ما خفي من أمر القاتل ، فأوحى الله اليه أن يذبحوا بقرة ، ويضربوا القتيل ببعضها ، فيحيا ، ويخبر بقاتله ، وبعد أخذ ورد ، وان الأمر : هل هو هزل أو جد ، وبعد السؤال عن أوصاف البقرة أولا وثانيا وثالثا فعلوا ، وعاد القتيل الى الحياة وأخبر بما كان.
المعنى :
(قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً). أي نسألك عن أمر القتيل ، فتأمرنا بذبح البقرة؟ ان هذا هزؤ ، وليس بجد.
(قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ). أي اني لا استعمل الهزؤ والسخرية في غير التبليغ عن الله ، فكيف في التبليغ عنه جلت كلمته؟
وكان يجزيهم أن يذبحوا بقرة أية بقرة ، لأن المأمور به بقرة مطلقة والإطلاق يفيد الشمول ، ولكنهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ). قال : هي من حيث السن وسط ، لا بالكبيرة ، ولا بالصغيرة ، فاذهبوا ، وامتثلوا ولا تتوانوا في ذبحها.
ولكنهم عادوا ثانية الى التنطح والسؤال (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها).
قال : هي صفراء .. ولكنهم زادوا في الالحاف ، واعادة السؤال ثالثا ، لأن البقر في هذا اللون والسن كثير .. قال : هي سائمة لا عاملة ، وسالمة لا معيبة .. فطلبوها حتى وجدوها ، وذبحوها ، وضربوا الميت ببعضها ، فعاد الى الحياة ، وانكشف السر بعد أن أخبر عن قاتله.
(كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). أي ان احياءنا لهذا القتيل شاهد عيان ، وبرهان حسي على البعث بعد الموت ، لأن من قدر على