احياء نفس واحدة قدر على احياء الأنفس كلها ، لعدم الاختصاص ، فهل بعد هذا الشاهد الحسي العياني تنكرون وتشككون وتعصون؟ .. أجل برغم ذلك وغير ذلك قست قلوبهم ، بل كانت أشد قساوة وصلابة من الحجارة ، كما نطقت الآية التالية.
وبعد الذي بيناه في تفسير قوله تعالى وإذ أخذنا ميثاقكم ، في فقرة : «لا قياس على اليهود» لا يبقى أي مجال للتساؤل : لما ذا لم يحي الله القتيل ابتداء ، وهو القادر على كل شيء؟ وكيف يحيا الميت إذا ضرب بجزء البقرة؟ ولما ذا كانت هذه البقرة دون غيرها؟ ثم ما هي الفائدة من ضرب المقتول ببعضها؟. كل هذه التساؤلات ، وما اليها لا تتجه بحال بعد أن أثبتنا ان الله عامل أولئك الاسرائيليين معاملة خاصة دون الناس أجمعين ، وانه من هذه الجهة فضلهم على الناس أجمعين.
ثم قست قلوبكم الآة ٧٤ :
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤))
الإعراب :
أو هنا للتقسيم ، أي ان بعض قلوبهم كالحجارة ، وبعضها أشد قسوة منها ، وأشد خبر مبتدأ محذوف ، وقسوة تمييز ، والضمير في (منه) يعود الى (ما) ، وفي (منها) يعود الى الحجارة.