و «منها» : ان السبب الموجب للولد هو الاحتياج له ، والمفروض ان الله غني عن العالمين.
و «منها» : ان الذي يلد لا بد أن يكون مولودا ، والمفروض ان الله غير مولود. قال أمير المؤمنين (ع) : «لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا أي يكون أبوه مشاركا له في العز ـ ولم يلد فيكون موروثا هالكا» أي يموت الأب فيرثه الابن. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
و «منها» : ان كل ما في السموات والأرض مخلوق ومملوك لله ، والمخلوق المملوك لا يكون ابنا للخالق المالك ، ولا الخالق المالك أبا للمخلوق المملوك .. وبهذا يتضح وجه الاستدلال على نفي الولد عنه تعالى في قوله : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
(كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ). أي مطيعون منقادون.
وتسأل : ان (ما) تستعمل فيما لا يعقل ، و (قانِتُونَ) تستعمل فيمن يعقل ، لأنه جمع بالواو والنون ، والمراد ب (ما) هو عين المراد ب (قانِتُونَ) فكيف صح التعبير عن الشيء الواحد بما لا يعقل تارة ، وبمن يعقل أخرى؟.
الجواب : ان الأرض والسموات تشتمل على من يعقل ، وما لا يعقل ، وقد تضمنت الآية جملتين : إحداهما أثبتت ملك الله لما حوته الأرض والسموات ، والثانية أثبتت طاعته لله .. وحين أراد الله سبحانه التعبير عن الملك غلب ما لا يعقل ، لأن الملك يتعلق به ، وحين أراد الطاعة غلب من يعقل ، لأنها لا تصدر إلا عن عقل واختيار.
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). المبدع هو المخترع والمبتكر الذي لم يأخذ من غيره ، ومنه قوله تعالى : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) ، وعليه يكون المعنى : إذا كان الله هو منشئ السموات والأرض ومبدعها فكيف ينسب اليه شيء مما فيهما على انه ولد له؟.
(وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). هذا كناية عن عظمة الله وقدرته ، وانه بمجرد أن يريد يتحقق المراد ، سواء لم يكن شيء فيوجده بإرادته من لا شيء ، أو كان شيئا ، وأراد تحويله الى شيء آخر ، فيتحول .. وذكرنا في تفسير الآية ٢٦ ـ ٢٧ فقرة «التكوين والتشريع» ان لله إرادتين :